للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ـ أن ازدهار الحياة وخصب الأرض في فلسطين مرتبط بوجود اليهود، وتلك مسألة "إلهية" قدرها الرب ـ في زعمهم ـ بحيث إن أرض فلسطين تظل صحراء قاحلة حتى يأتيها اليهود!

ولم تكن مظلمة بلاكستون هي الوحيدة التي قدمت إلى هاريسون، فقد رفع إليه عدد من أغنياء اليهود عريضة بطلب "عقد مؤتمر دولي للنظر في أحقية اليهود في استرداد وطنهم القديم فلسطين". واستجابة لتيار العرائض هذا، وافق الرئيس على الدعوة التي وجهها الكونجرس إلى وزارة الخارجية للاحتجاج لدى حكومة القيصر الروسي على اضطهاد اليهود وعزز هاريسون هذه الدعوة بقوله: "إن إدارتي قد أعربت لحكومة القيصر بروح ودية، ولكن بحزم بالغ، عن عميق قلقها إزاء الإجراءات القاسية التي تتخذ حالياً في روسيا ضد العبرانيين" (١).

ويلاحظ شفيق مقار: "أن هاريسون لم يشر إلى القوم باسم اليهود، بل استخدم التسمية التوراتية، فقال العبرانيين!! " حيث أضاف هاريسون في رسالته: "إن العبراني لم يكن في أي وقت شحاذاً، بل كان دائماً شخصاً ملتزماً بالقانون، وإنساناً يكسب رزقه بعرق جبينه. وهو غالباً ما يفعل ذلك في ظل ظروف بالغة القسوة وقيود مدنية شديدة القهر. كما أنه من الصحيح أيضاً أنه لم يوجد في أي وقت جنس أو طائفة أو طبقة عنيت بما فيه خير أفرادها كالجنس العبراني" (٢).

[الحكومات الأمريكية والمطالب الصهيونية]

نشأت أمريكا كأرض صهيونية منذ فجر ميلادها الأول، حيث لاحظنا ذلك على مستوى الفكر والعمل، وقد رأينا كيف قدم الرؤساء الأمريكيون الأوائل خدمات جليلة ـ ومباشرة ـ في هذا السياق، وكيف أنهم ـ من حيث العقيدة ـ لم يكونوا أكثر من مجموعة من المتطرفين الصهاينة المهووسين بالعبرانية، وتابعنا مساعيهم لإقامة دولة إسرائيل على أرض فلسطين قبل هرتزل بزمان طويل، بل إن المؤتمر الصهيوني الأول الذي انعقد في بال بسويسرا (١٨٩٧م) ما كان له أن ينعقد لولا


(١) الصهيونية المسيحية (١٨٩١ـ١٩٤٨) - بول مركلي - ترجمة فاضل جتكر ص ١١١
(٢) المسيحية والتوراة - شفيق مقار ص ٢١٠

<<  <  ج: ص:  >  >>