للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأن الحرب ستكون كارثة على الكل وعلى المعتدي، وعلى المعتدى عليه، وأنها ليست حلاً ولا وسيلة إلى أي مكسب (١).

[اتفاقيات أوسلو تفكيك الصراع وكمائن الاتفاقيات]

في خطاب معبر يصف أحد زعماء الهنود الحمر لشعبه الزحف اللانهائي للمستوطنات والمستوطنين البيض، فيقول: "يا إخوتي، لقد سمعت من الأب الأعظم (يقصد جورج واشنطن) أحاديث بديعه، لكنها كلها كانت تبدأ وتنتهي: انزح قليلاً فأنت قريب منى ... " ففي هذا التقليد الإنكليزي العريق الذي يقول ما لا يفعل، ويعد بما لا يفي، اقترح (واشنطن) عقد سلسله من الاتفاقيات مع الهنود، بهدف الاستيلاء على الأراضي الغنية، والمناطق الإستراتيجية اللازمة لأمن المستوطنين في مقابل .. وعود .. بعدم المساس بما تبقى لهم من الأرض، ومن هذه الوعود التي يقدمها المتفاوضون للهنود أن الولايات المتحدة ستفعل ما في وسعها للحيلولة دون قيام مواطنيها بالصيد أو الاستيطان في أراضيهم" (٢).

وما حدث مع الهنود الحمر قديماً يحدث مع العرب والفلسطينيين، برعاية انجلوسكسونيه قديمه بدأت مع سايكس بيكو وبلفور وويلسون .. واستمرت حتى اللحظة مع بوش وبلير. فبالرغم من صلابة الحقوق الفلسطينية وثباتها، على كافة المستويات القانونية والسياسية والأخلاقية، إلا أنها بدأت تتعرض للتهشيم التدريجي، وتنزلق على منحنى آخر لتتحول من (حقوق وطنية) إلى مجرد نزاعات سكانية، حيث كانت الضربة القاسية قد حلت بها في أعقاب حرب الخليج الثانية ١٩٩١م المترافقة مع انهيار الاتحاد السوفياتي, مع ترتيبات مؤتمر مدريد، واتفاقية أوسلو، التي أزاحت الأمم المتحدة وفكرة مؤتمر جنيف والقانون الدولي جانباً, حيث استحوذت الولايات المتحدة على إدارة الملف منفردة.

ورعى ما سموه بـ (الوسيط النزيه) تصميم أوسلو بشكل مفرغ، فارغ من أي محتوى قانوني يربط الحل بإنهاء الاحتلال وتحميله مسؤولية ما حدث، وبالتالي


(١) إسرائيل .. البداية والنهاية - د. مصطفى محمود ص١١٠
(٢) حق التضحية بالآخرـ تأليف منير العكش ـ ص١٠٨

<<  <  ج: ص:  >  >>