الأمريكي، ولو بدعوى التسبب في تلوث البيئة وثقب الأوزون! وما حدث ويحدث في العراق والسودان وفلسطين ولبنان خير دليل على ذلك.
ومن خلال ما تقدم يتضح لنا ان الموقف الأمريكي ما بين ايزنهاور وبوش، لم يتغير أو يتبدل، بل ان الظروف الدولية هي التى فرضت هذا التلاعب وتغيير المواقف، بسبب الانتقال من نظام القطبين والحرب الباردة إلى نظام القطب الاوحد، والنظام الدولي الجديد. وبالتالى فإن الوسيط الأمريكي الذي نصفه بالمخادع، لم يكن مخادعاً ابداً ولكننا نحن كعرب، مسئولين ومثقفين لم نستطع قراءة حقيقة الموقف الأمريكي تجاه الصراع العربي الاسرائيلي بشكل صحيح، ولهذا لم نتمكن في ايه لحظه من معرفة توجهات هذه السياسه، واستراتيجياتها، وبقينا نتصرف ونفسر الاحداث باثر رجعي وبعد فوات الاوان.
الدعوة لانعقاد مؤتمر السلام
بعد انتهاء حرب الخليج وتدمير القوة العراقية، سارعت أمريكيا إلى الدعوة إلى انعقاد مؤتمر السلام بمدريد، ليس من أجل الوفاء بوعدها الذي قطعتها على نفسها أثناء حرب الخليج، أو لحفظ ماء الوجه لمن هللوا ونظروا وأيدوا موقفها تجاه العراق، بل لاستغلال حالة الضعف والتشتت العربية، التي نشأت جراء هذه الحرب، لفرض حل للصراع العربي الإسرائيلي وفق تصورها. وفعلاً فقد انعقد المؤتمر بحضور رمزي للاتحاد السوفيتي والمجموعة الأوربية، وبدأت المفاوضات العربية الإسرائيلية في حينها، واستمرت أكثر من عام من غير إحراز أي تقدم يذكر، ولم تقم أمريكيا باستخدام القوة، أو حتى ممارسة أي ضغط على إسرائيل، لإرغامها على تطبيق قرارات ما يسمى بالشرعية الدولية، بل العكس هو الذي حدث، حيث قدمت الدول العربية كثير من التنازلات، في الوقت الذي لم تقدم فيه إسرائيل أي تنازل يذكر، بل استمرت في موقفها المتعنت وبدعم كامل من أمريكيا، التي عملت بطريقتها الخاصة على تفتيت موقف المفاوض العربي.
وأصبحت الحكومات ومنظمات المقاومة التي كانت تتغنى يومياً بشعارات المواجهة والمقاومة، تتبرأ كل يوم من نية الحرب، وحتى من نية الاستعداد لأي مواجهة .. وتخشى أن تجتمع حتى لا يفهم اجتماعها بأنه إعداد لشيء، وراياتها البيضاء مرفوعة طول الوقت وأياديها ممدودة للمصالحة. وهي تصرخ بأكثر من هذا