أجد ما يوحي بأن هبوط كريستوفر كولومبوس في العالم الجديد قد افتتح إبادة جماعية تم خلالها القضاء على السكان الأصليين في جزر الانديز الغربيه قضاءاً مبرماً. أو إن هذه كانت المرحلة الأولى في ما طرح باعتباره توسعاً حميداً للدولة الجديدة، ولكنه اشتمل على الطرد العنيف للأمريكيين الأصليين مصحوباً بفظائع لا يمكن السكوت عنها من كل ميل مربع من القارة، حتى لم يعد هنالك ما يمكن فعله سوى حشرهم في معازل.
إن كل تلميذ مدرسة أمريكي يتعلم عن مذبحة بوسطن التي سبقت الحرب الثورية ضد انجلترا. وقد قتل فيها خمسة مستعمرين على أيدي الجنود البريطانيين سنة ١٧٧٠، ولكن كم تلميذ من هؤلاء التلاميذ تعلم عن المذبحة التي راح فيها ستمائة رجل وامرأة وطفل من قبيلة ريكوت في نيو انجلاند سنة ١٦٣٧، أو المذبحة التي ارتكبها الجنود الأمريكيون في منتصف الحرب الاهليه، وسقط فيها المئات من العائلات الأمريكيه الاصليه في ساند كريك (كولورادو) ولم اطلع في أي مكان خلال دراستي التاريخ على مذابح الناس السود التي وقعت مراراً وتكراراً في ظل حكومة وطنية تعهدت من خلال الدستور بحماية الحقوق المتساوية للجميع. وعلى سبيل المثال في سنة ١٩١٧ وقع في سانت لويس الشرقيه واحد من أعمال الشغب العرقية العديدة الني كانت تحدث ضمن ما تدعوه كتب التاريخ عندنا التي يوجهها البيض (الحقبة التقدميه)، حيث قتل العمال البيض الذين أغضبهم تدفق العمال السود، نحو مائتي شخص، مما حفز الكاتب الأمريكي من اصل إفريقي (دبليو أي دي بويز) على كتابة مقالة بعنوان (مذبحة سانت لويس الشرقيه) وحمل الفنانة المسرحية جوزفين بيكر على القول إن فكرة الموضوعية بحد ذاتها تجعلني ارتعد وارتجف وتسبب لي الكوابيس.
لقد أردت من خلال كتابتي للتاريخ الشعبي إن أوقظ وعياً عظيماً بالصراع الطبقي والظلم العرقي، واللامساواة الجنسية والعجرفة القومية، ولكني أردت إلى جانب ذلك إن أسلط الضوء على مقاومة الشعب الخفية لسلطة المؤسسة ورفض الأمريكيين الأصليين إن يموتوا ويختفوا ببساطة وتمرد الناس السود في الحركة المناوئة للرق والحركة الأحدث منها عهداً وهي الحركة المناوئة للفصل العنصري والإضرابات التي كان ينفذها الناس العاملون في سبيل تحسين مستوى عيشهم.