لهيبها, وعلى بعد يقفون خوفاً من عذابها ويقولون: يا ويلتاه يا ويلتاه أيتها المدينة العظيمة, بابل المدينة القوية، لأنه في ساعة واحدة أتي الحكم عليك" (١).
هذا هو البعد الحقيقي للحرب, الذي على أساسه فعلت (الصهيونية المسيحية) فعلها وتأثيرها في كل من بريطانيا وأمريكا، ووصل بها الأمر إلى استخدام أكبر المحرمات الدولية ضد العراق على مختلف الصعد, ولتفرغ ضده كل سموم الأحقاد المزمنة والحديثة، حيث عجزت كل العصور والأزمان الماضية أن تقتص منه، كما يجب أن تقتص - يهودياً ـ ولم يجد يهود العالم وصهيونيوه ـ اليهود منهم وغير اليهود - مناسبة (لمحق العراق) - كما قال الجنرال الأميركي شوارزكوف- أفضل من الحقد الأخير في القرن العشرين، للولوج إلى القرن الحادي والعشرين يهودياً وصهيونياً, وبدعم أميركي دون أن تكون (عقدة بابل) حاضرة في هذا القرن، كما في القرون والعصور الماضية ... وليس أسلوب تدمير العراق، عسكرياً وسياسياً واقتصادياً ونفسياً، ثم خنقه وقطع أنفاسه، إلا الدليل الحي على ما وصل إليه الحقد اليهودي ماضياً وحاضراً ومستقبلاً ... مجنداً كل طاقاته وإمكانياته وحلفائه في هذا الخصوص، عبر توكيل رسمي لأمريكا وبريطانيا .. من أجل محق العراق البابلي، ومحو عقدة بابل من قاموس يهود العالم وتوراتهم ..
وإذا كانت (عقدة بابل) عقدة حية في نفوس اليهود, ويريدونها أن تبقى كذلك حتى (محوها) من الوجود, ألا يحق لعاصمة (الشريعة ألام) الحمورابيه أن تبقى حية في نفوس أبناءها، وفي تاريخ الإنسانية باعتبار أن الحضارة والاكتشافات ليست ملك شعب بمفرده, بل هي ملك للإنسانية جمعاء؟ أليست شريعة حمورابي وقوانينه ملكا للبشرية كلها وقد استفادت منها كلها؟ أليست بابل هي أهم وريثة شرعيه لأول وأهم حضارة وهي سومر؟؟ ...
شاء اليهود أم أبوا ... وشاء الصهاينة - على اختلافهم - أم أبوا ... سيبقى العراق بتاريخه وحضارته، كما ببابله وسومره، صفحة مضيئة في سجل التاريخ، على امتداد عصوره وأزمانه، مهما حاول اليهود والصهاينة والأمريكان, وكل أعداء
(١) على أعتاب الألفية الثالثةـ الجذور المذهبية لحضانة الغرب وأمريكا لإسرائيل ـ حمدان حمدان- ص٢١٤ - بيسان للنشر والتوزيع- ط١ ٢٠٠٠