للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأرض غلتها. فتبيدون سريعاً .. انظر .. أنا واضع أمامك اليوم بركه ولعنه. فالبركة إذا سمعتم لوصايا يهوه إلهكم .. واللعنة إذا لم تسمعوا لوصايا الرب يهوه (١) " (التثنية١١:١١ـ١٥ و ٢٦ـ٢٨).

ولما كان المتطهرون هم ورثة الصلاح البروتستانتي، لذلك كانوا يعلمون أنها كانت غلطة رومانية كاثوليكية، أن يظن بأن الأعمال الطيبة والصدقات يمكنها أن تمحوا وشم الخطيئة، لان هدف الدين هو تمجيد الرب ذي الجلال والإكرام. وحيث أن أوامره ـ جل جلاله ـ ليست سهلة التنفيذ لذلك فإن رحمته لا تحل إلا بالمؤمن (٢). وعندما أخذت البروتستانتية ذلك الكلام من عجزه، فقالت: إن كل من لم يتصف بالمبادأة، ولم يجد لديه القدرة على أن يقوم بأمر نفسه اقتصادياً، مثلما تعين عليه القيام بأمر نفسه دينياً، فابتلى بالفقر والجهل والمرض وداسته الأقدام، لا حق له في أن يلوم أحداً إلا نفسه، لأنه شرير وسيئ وخاطيء ورديء وإلا لما كان جلب على نفسه فراغ خزانته، والخيبة في كل ما يفعل، وما تمتد إليه يده، كانت البروتستانتية بذلك مستنده بظهرها الورع بقوة وتمكن إلى أخلاقيات العهد القديم، الذي زودها بكل ما افتقدته من سند إلهي في التعاليم المتسامحة للسيد المسيح، الذي لم يكتف بأن دعا إلى الرحمة والتراحم وصنع السلام، بل تمادى في نقضه للناموس، الذي ادعى أنه جاء ليكمله وقال: "ما أعسر دخول ذوى الأموال إلى ملكوت الله، لأن دخول جمل من ثقب إبره أيسر من أن يدخل غنى إلى ملكوت الله" (٣) (لوقا ١٨:٢٤).

هكذا قدمت البروتستانتية الكثير من الأفكار، التي حملها الأوروبيون إلى العالم الجديد، حتى أن بعض المؤرخين اعتبروها المكون الرئيس في حوافز المستوطنين الجدد في أميركا، حيث كانت حملات الدعاية لمعظم المشروعات الإنجليزية الاستعمارية، عبارة عن فقرات تناشد أوائل المستعمرين بتقديم العون السياسي أو المالي، أو مواعظ كنسية تدعو للمسافرين بالتوفيق من الله، أو قصص تفاؤل عن مغامرات البحار ـ كانت تؤكد عظمة العناية الإلهية أكثر من أمجاد البشر. كذلك تعكس تلك المقتطفات أن رجال الإنجليز في القرن السابع عشر الميلادي


(١) المسيحية والتوراة - شفيق مقار ص٧٨
(٢) تاريخ الحياة الثقافية في أميركا يرويه لويس بيري ـ ترجمة أحمد العناني ـ ص ٧١
(٣) المسيحية والتوراة - شفيق مقار ص ٧٩

<<  <  ج: ص:  >  >>