للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يسوع وممارساته في حياته لكي يجعل من النجار الفقير في الناصره: مسيح (باليونانية خر يستو Christos) اليهود وخليفة داود" (١).

ثم جاء الإسلام الحنيف مكملاً لرسالة الحق، لخدمة الانسان واسعاده، دين رحمة ومساواه وعدل، ليوحد العرب ويرفع الظلم عنهم وعن شعوب كثيره استعبدتها امبراطوريات ذلك الزمان، فدخل الناس في دين الله افواجاً، ونشأت حضاره اسلامية عظيمه وحدت شعوب وقبائل من اقصى المغرب إلى اقصى المشرق تحت رايه واحده، وجد الجيمع في ظلها الامن والسكينه والسلام، والفرصه للابداع والتطور. فقد فتح المسلمون عبر تاريخهم الطويل صدورهم لغير المسلمين: يهوداً ونصارى ومجوساً وأتاحوا للعناصر ذات الكفاية منهم احتلال مواقعهم الاجتماعية والوظيفية في إطار من مبدأ تكافؤ الفرص، لم تعرفه أمة من الأمم عبر التاريخ. لقد اسهم غير المسلمين في صنع حضارة الإسلام واغنائها دونما أية عقد أو حساسيات من هذا الجانب أو ذاك، كما فتح الطريق أمامهم للوصول إلى أعلى المناصب، بدءاً من الكتابة في الدواوين وانتهاءً بمركز الوزارة نفسها، وأتيح لأبناء الأديان والمذاهب الاخرى إن يتحركوا في ساحات النشاط الاقتصادي والمالي بحرية فنموا ثرواتهم وارتفعوا بمستوياتهم الاجتماعية بما يوازي قدراتهم على العمل والنشاط، وملئوا بهذا وذاك مساحة واسعة في ميدان النشاط الاقتصادي والمالي جنباً إلى جنب مع مواطنيهم المسلمين (٢).

وعلى صعيد التوسع الجغرافي، كان المسار الإسلامي آخذا بالصعود والتفوق حتى استطاع المسلمون فتح مدينة القسطنطينية عام ١٤٥٣ عاصمة الإمبراطورية البيزنطية، ثم تواصل زحفهم حتى كادوا يدخلون فيينا عاصمة النمسا عام ١٦٨٣، متوجين بذلك مسيرة ألف سنة من الفتوحات والانتصارات بدأت في الشام والعراق في القرن السابع الميلادي، وتواصلت في آسيا وأفريقيا وأوروبا. وصاحب تلك الحملات العسكرية تجارة واسعة ومتنوعة وممتدة في القارات الثلاث، وحركة ثقافية وعلمية وفنية. وظهرت حضارة اسلامية متميزه وفريدة شاركت في صنعها جميع


(١) كيف نصنع المستقبل- روجيه جارودي - د. منى طلبه- ص٥٧
(٢) مذكرات حول واقعة الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) - د. عماد الدين خليل- ص١٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>