للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاهتمام بالأمم الأخرى (١). ولكن ثورة المعلومات والاتصالات أتاحت الفرصة للاعبين جدد غير الحكومات للعمل والتدخل والتأثير، وحدث ما يمكن تسميته بـ (خصخصة الحرب)، فقد استطاعت منظمات أهلية صغيرة ومحدودة في مناطق فقيرة وهامشية ومعزولة من العالم أن تشغل الولايات المتحدة وتهددها (٢). فبعد ان شعر الآخرون أن أميركا قد أعلنت الحرب على العالم - وهو امر يصعب على كثير من الأميركيين فهمه وإدراك أن هذا هو رأي العالم بما يقوم به بلدهم في الخارج- بدأ الأمريكيون يشعرون بكره العالم لهم، حيث ان ضيق أفق الكثير من الأميركيين هو المسؤول عن إطلاق هذه الكراهية.

ويحاول (كلايد برستوفتز) ان يفسر سبب ضيق افق الأمريكيين وكره العالم لهم فيقول: "هذا ويرجع ضيق الأفق ذاك، إلى حقيقة كون أميركا لا تعنى بالكثير من الأخبار الخارجية ولا تنفتح على الثقافات الشعبية الأجنبية, ويحكمها نواب منتخبون لم يسبق لهم أن غادروا أميركا". فأميركا بالنسبة للغالبية القصوى من الأميركيين هي (أم العالم) أو هي العالم، وكل ما يجري خلف البحار والمحيطات التي تحيط بها لا يعنيهم في شيء. وهكذا فإن عدداً من اصدقائنا وحلفائنا يبادرون إلى تبني وجهة نظر بعد وجهة نظر اخرى، مناقضة لوجهة نظرنا نحن. فهل هم بلهاء؟ تافهون؟ فاسدون؟ قد يكون عدهم كذلك مريحاً، غير ان الحقيقة هي اننا نحن انفسنا، من يجسد حالة الشذوذ والخروج على المألوف. لقد اصبحنا غرباء كدولة وكأمة. كثيراً ما لا ندرك الحقيقة بسبب ضخامة حجمنا بالذات، هذه الضخامة التى تعرقل رؤيتنا للآخرين، وبسبب قوتنا التي تمكننا من ان نفترض ان معيارنا أو رأينا هو المعيار أو الرأى السائد، أو الذى ينبغي ان يكون سائداً في العالم. "وهكذا فاننا ما زلنا، على مستوى شبه طائفي، متمسكين بالاميال والبوصات ودرجات الفهرنهايت، مع ان باقى العالم انتقل منذ زمن بعيد إلى اعتماد النظام المترى الابسط بكثير". يكمن الجانب الغريب حقاً لهذه الظاهرة في حقيقة هي ان باقي العالم يحرص، بسبب قوتنا على مسايرتنا، وعلى (اخذنا على قدر عقولنا) مما يتيح لنا فرصة الغرق في نشوة الانبهار


(١) لماذا يكره الناس أميركا?- ضياء الدين سردار وميريل واين ديفز- الناشر: آيكون بوكس ط١ ٢٠٠٢ - كامبردج بوك ريفيو
(٢) مفارقة القوة الأميركية جوزف ناي -تعريب: محمد توفيق البجيرمي الناشر: مكتبة العبيكان، الرياض

<<  <  ج: ص:  >  >>