نهب لثروات البلدان المستعمرة, وفيه حروب، وفيه قمع، وفيه حالات إبادة عنصرية أيضاً. وفي أعقاب انهيار إمبراطورية لندن أصبحت الولايات المتحدة القوة الخليفة, لكنها رفعت شعار أنها لا تبدأ بأي حرب, بل تدافع عن نفسها, وأن ليس لديها أي مشروع إمبريالي توسعي تحت أي مسمى, ولو كان لفرض السلم العالمي تحت مظلة "باكس أميركانا" ( Pax Americana) (١) .
وكتاب الفيروس الأمريكي سخر من ذلك التعبير ويعيد إنتاجه بطريقة تهكمية, إذ يحوره إلى ( Pox Americana) , وهنا فإن كلمة Pox تعني الوباء الفيروسي أو شيئاً قريباً من ذلك. ومن وراء هذا يريد محررا الكتاب أن يقولا للقارئ إن الإمبراطورية الأميركية الراهنة هي كالفيروس المنتشر في العالم, وليس لها علاقة بإحلال السلم العالمي. وينقضان المزاعم الأميركية بعدم وجود نيات إمبريالية وراء الحروب التي تشنها الولايات المتحدة في العالم اليوم، إذ سرعان ما وقع العالم بأكمله أسير الصراع مع الاتحاد السوفياتي وانخرط الطرفان في صراع إمبريالي للسيطرة وشراء الولاءات في مناطق العالم المختلفة. وبدأ منظرون أميركا يكتبون في ضرورة أن يكون لدى الولايات المتحدة مشروعاً إمبريالياً ذا صفات حميدة، منها نشر السلام ولو اقتضى الأمر استخدام القوة في بعض الأحيان كما كان الأمر في فيتنام. وكتب بعض أولئك المنظرين, من أمثال رونالد ستيل, أن الإمبراطورية الأميركية تختلف عن الإمبراطوريات التي سبقتها بأن أهدافها نبيلة وأنها لا تستهدف الربح والاستيلاء على الثروات كما كان ماضي الإمبراطوريات المنقضية.
ولكن حتى قبل ذلك التاريخ, كان للإمبريالية الأميركية سجل طويل في التدخل المباشر أو غير المباشر ونقرأ عن حالات الغزو التالية في ذلك السجل: الصين ١٩٤٥, اليونان ١٩٤٧ إلى ١٩٤٩, كوريا ١٩٥. إلى ١٩٥٣, إيران ١٩٥٣, غواتيمالا ١٩٥٤, لبنان ١٩٥٨, الكونغو ١٩٦. إلى ١٩٦٤, كوبا ١٩٦١, أندونيسيا ١٩٦٥, جمهورية الدومينكان ١٩٦٦, تشيلي ١٩٧٣. أما بعد حرب فيتنام فإن القائمة طالت
(١) الفيروس الأميركي .. فضح الإمبرطورية الأميركية- تحرير: جون بيلامي فوستر وروبرت دبليو ماكشنسي-ط١ ٢٠٠٤ - الناشر: بلوتو برس, لندن- عرض/ كامبردج بوك ريفيوز