العالمية الثانية، ثم ارتقى مره اخرى مع السحر التقني للخيال العلمي، الذي تجسد في السير على سطح القمر. ونادراً ما نالت من ذلك دعاية الحرب الباردة من قبل السوفييت.
فطوال عقود منذ نهاية الحرب الباردة، كان المواطنون يرفضون ان يصدقوا ان هناك مشرديين في أمريكا، أو انه ليس هناك تأمين صحي وطنى، كانوا مقتنعين ان ذلك مجرد دعاية شيوعية، كانوا يؤمنون ان القرارات في المملكة المتحدة وأمريكيا لا تتخذ ابداً بصورة سرية، وانه إذا كذب رجل السياسة مره واحدة فيتم ابعاده من منصبه. وعنما سقطت القنابل الأمريكية على صربيا عام ١٩٩٩، اعرب كثيرون من الصرب عن صدمتهم ودهشهتهم من ان أمريكا - أمريكا المحبوبة محط الاعجاب - يمكن ان تفعل شيئاً كهذا ... وفي روسيا عارض الناس القصف بقوة واصيبوا بالصدمة، وقد بدى الامر كما لو ان الروس يكتشفون للمرة الأولى ان للولايات المتحدة جانباً عنيفاً. وعندما مزقت القذائف الأمريكية اشلاء السفارة الصينية في بلجراد، كان رد الفعل بين الصينيين هو عدم التصديق. وقال مسئول صيني كبير: لقد كنتم المثل الاعلى للكثيرين منا، والآن فإن قنابلكم الغبية قتلت أهلنا.
ان هذه السذاجة، وقصة العشق هذه مع روح أمريكا، في حين تمس القلوب بالتأكيد في هذا العالم المتعب، ليسا هما (الحبل بلا دنس). ان الولايات المتحدة هي مخترع ومطور الاعلان الحديث والعلاقات العامة الحديثة، والمنتج والموزع الرئيسي في العالم للافلام وبرامج التلفزيون والكتب والمجلات والموسيقى، بمكتبات ادارة الاعلام الأمريكية الموجودة في اكثر من ١٠٠ بلد، وصوت أمريكا التي يقرب مستمعوها من ٦٠ مليون مستمع. لقد اغرقت الولايات المتحدة - دولة المعلومات العظمى الوحيدة في العالم - وسائل الاعلام وغزت قلوب وعقول العامة في كل انحاء الارض بهذا السحر، وهى تقوم بكل هذا لانه جدير بالعناء، على امتداد الاجيال (١).
(١) الدولة المارقة - دليل إلى الدولة العظمى الوحيدة في العالم - ويليام بلوم - ترجمة كمال السيد- ص٣١٥ - ٣١٨