للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنتظر. ففي القرن الثالث عشر قام الحاخام اليعازر بن موشيه الزعيم الروحى للتجمع اليهودي في المانيا بتحذير اليهود الذين يهاجرون بكثافه إلى فلسطين من ان الله سيعاقبهم بالموت. وفي نفس الوقت تقريباً قام الحاخام عيزرا في اسبانيا بكتابة ان اليهودي الذي يهاجر إلى فلسطين انما يهجر الله الذي يوجد فقط في الشتات، حيث يعيش اغلب اليهود وليس في فلسطين. وفي منتصف القرن الثامن عشر كتب الحاخام الالماني الشهير يوناثان ايبشوتز "ان الهجرة المكثفة إلى فلسطين حتى مع موافقة كل دول العالم هي امر محظور قبل مجئ المسيح" (١). وبناء على هذه الصهيونية المسيائية المتدينة (إن جاز التعبير)، لا يوجد سبب على الأرض ـ مهما تكن أهميته ـ يستدعى العودة إلى صهيون، إلا أن يكون السبب هو الأمر الإلهي. فالعودة مرتبطة بسلطة الله التي لا تناقش. ولذلك فالصهاينة المتدينون يتهمون، كل من نادى بالعودة إلى فلسطين بدون انتظار عودة المسيح المنتظر، بالهرطقة، أي الكفر. ومن هنا تختلف هذه الصهيونية الدينية، عن الصهيونية السياسية التي قرر رجالها في مؤتمر بازل سنة ١٨٩٧م العودة إلى الأرض المقدسة، ولم ينتظروا المعجزة الإلهية. "فالصهاينة المتدينون لا يرون في إي مؤتمر سياسي طريقاً للعودة، وهم، أكثر من ذلك ـ لا يرون حتى في عذاب الهولوكوست ومعسكرات النازية سببا للعودة. فالعودة إن لم تقترن بالإرادة الإلهية ـ بقدوم المسيح الجديد ـ هي عودة باطلة (٢).

ولقد رأينا كيف أن اليهود أنفسهم أحجموا عن المشاركة في تأييد أو دعم دعوات المتدينين البروتستانت لهم من أجل العودة إلى أرض فلسطين، حيث كانت هذه المشكلة من أشد الصعاب التي واجهها الصهاينة غير اليهود (البروتستانت). ولكن مع بدايات القرن التاسع عشر الميلادي، ولأسباب كثيرة أهمها، تنامي التيار المسيحي البروتستنتي الداعم لأماني اليهود بالعودة إلى فلسطين، بالإضافة إلى ازدياد اضطهاد اليهود في أوروبا، ظهر عدد من المفكرين اليهود الذين نشروا العديد


(١) الاصولية اليهودية في اسرائيل- تأليف اسرائيل شاحاك - نورتون متسفينسكي - ص ٥٢ ترجمة ناصر عفيفي.
(٢) فلسطين، القضية ـ الشعب ـ الحضارة ـ بيان نويهض الحوت ـ ص ٣٢٧

<<  <  ج: ص:  >  >>