للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اما في العصر الحديث فقد ظهرت النزعة المشيحانية بين الجماعات اليهودية مع تطور المجتمعات الغربية وظهور النظام المصرفي الحديث والدولة القومية المركزية، "حيث فقدت كثير من الجماعات اليهودية الوظيفية وظائفها كتجار ومرابين، وتزايد بؤس أفراد هذه الجماعات وفقرهم، وعدم استطاعتهم التكيف مع التطور الذي شهدته أوروبا في عصر النهضة. وبالتالي زادت هامشيتهم وزاد الاضطهاد الواقع عليهم، ومن ثم ففي أوقات البؤس والضيق كانت الجماهير اليهودية تتذكر دائما الرسول الذي سيبعثه إله الطبيعة والتاريخ ليصلح أحوالهم" (١).

وقد ظهرت آخر هذه الدعوات الميشيحانية في عام ١٦٤٨م عندما ظهر شاب يهوى يدعى (سبتاى زيفى) من أزمير بتركيا لم يتجاوز عمره الثانية والعشرين، حيث أعلن أنه المسيح المنتظر. وما أن أعلن دعوته حتى تبعه عدد كبير من اليهود المتحمسين، واستمر في نشر دعوته في الأوساط الدينية اليهودية في العالم، فصار له أعوان كثيرون. "وفي سنة ١٦٦٦م غادر أزمير مع جمهور من أعوانه متجها نحو اسطنبول لممارسة سلطته كملك، ولكن الباخرة التي كانت تقله مع أعوانه داهمتها عاصفة شديدة اضطرها إلى اللجوء إلى مضايق الدردنيل، ومن هناك سيق مكبلاً بالحديد إلى اسطنبول، فسجن، إلا أن سجنه زاد من الإقبال علي دعوته، فأمر السلطان محمد الرابع بنقله إلى سجن أدرنه، وأقنعه بالعدول عن دعوته بعد أن تحداه أن يمنع طلقات الرصاص من اختراق جسده، فما كان من (سبتاى زيفى) إلا أن ادعى الإسلام وغير اسمه إلى (محمد أفندي) " (٢). وتعد حركة شبتاي تسفي "أهم الحركات المشيحانية التي هزت اليهودية الحاخامية من جذورها حتى لم تقم لها قائمة بعد ذلك، وهو ما مهد الطريق لظهور الحركة الصهيونية التي ترفض القيود الدينية وترفض الأوامر والنواهي وتعلي الذات القومية" (٣).

هكذا كان حال اليهود طوال تاريخهم الطويل حائرين بين الدعوات الميشحانية وبين قيود حاخاماتهم التى تمنعهم من العوده إلى فلسطين بدون انتظار المسيح


(١) دفاع عن الإنسان ـ د. عبد الوهاب المسيري ـ عرض/ نشوة نشأت - الجزيرة نت
(٢) مقارنة الأديان ـ د. أحمد شلبي ص ٢٢٣
(٣) دفاع عن الإنسان ـ د. عبد الوهاب المسيري ـ عرض/ نشوة نشأت - الجزيرة نت

<<  <  ج: ص:  >  >>