للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الديني الذي توج في فترة لاحقة بإقرار التسامح الديني التام بين جميع المذاهب" (١).

هذه الأمور وغيرها أدت إلى توطيد البروتستانتية أقدامها في بريطانيا، مما انعكس بصوره مباشرة على الموقف من اليهود، حيث ظهرت في بريطانيا، بين عدد من المسيحيين البروتستانت، رجالاً ونساءً، حركة تدعى (حركة العودة)، وهى حركة منطلقة من إيمان المسيحيين بعودة اليهود إلى فلسطين. وقد اعتقد رواد هذه الحركة أن على العالم، أن يساعد اليهود في استعادة فلسطين. وسيتضح أن مشكلة هؤلاء الرئيسية لم تكن في إقناع العالم بل في إقناع اليهود أنفسهم (٢). وقد أسس هذه الحركة عالم اللاهوت توماس بريتمان، حيث لاقت دعوته آذاناً صاغية من الكثير من رجال الدولة الكبار، أمثال القاضي وعضو البرلمان (هنري فنش) الذي أصدر أول كتاب عن الصهيونية في لندن في سنة ١٦٢٨م، وقد كان فنش من المؤمنين بفكرة العصر الألفي السعيد، والتي تعنى عودة المسيح المنتظر، الذي سيقيم مملكة الله في الأرض والتي ستدوم ألف عام، ولابد من عودة اليهود إلى أرض فلسطين كمقدمة لذلك.

ثم وصلت حركة الإصلاح الديني إلى ذروتها في إنجلترا في القرن السابع عشر، في عهد ما يسمى بالثورة البيوريتانية، عندما تولى أولفرت كروميل السلطة وأعلن الجمهورية. والحركة البيوريتانية (حركة التطهر) والتي ظهرت وانتشرت في القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين، "هي الحركة التي حولت الأفكار والمبادئ الدينية المتعلقة باليهود إلى عقيدة سياسية، أهم أفكارها: فكرة وجود الشعب اليهودي، وفكرة عودة الشعب اليهودي إلى فلسطين، وفكرة ـ استيطانه وسيادته في فلسطين" (٣).

ففي عهد البيوريتاريين ازداد الاهتمام بالعهد القديم بشكل كبير، وأصبح كتابهم الوحيد الذي يستمدون منه فلسفتهم وأفكارهم ومعتقداتهم وطريقة


(١) لوك .. مقدمة قصيرة جداـ تأليف/ جون دون ـ عرض/ كامبردج بوك ريفيوز
(٢) فلسطين، القضية ـ الشعب ـ الحضارة ـ بيان نويهض الحوت ـ ص ٢٩٢
(٣) المصدر السابق ـ ص ٢٨٧

<<  <  ج: ص:  >  >>