Actate عام ١٩٦٥ التي تبنت الحوار مع المسلمين والإنفتاح عليهم، من منطلق تعزيز المحبة والوحدة بين أتباع الديانات التوحيدية.
فقد نص المجمع الفاتيكاني بوضوح على "ان الكنيسة تنظر بتقدير إلى المسلمين الذين يعبدون الله الأوحد، الحي القيوم، الرحيم القدير، خالق السماء والأرض، الذي وجه كلامه إلى البشر، و إنهم يسعون في الخضوع بكل نفوسهم لأحكامه الحقة كما خضع إبراهيم لله، الذي ينتمي إليه الإيمان الإسلامي بطيبة خاطر. و أنهم يجلون يسوع كنبي، و إن لم يعترفوا به كإله، و يكرمون مريم أمه العذراء ... وإذا كانت قد نشأت، على مر القرون، منازعات وعداوات كثيرة بين المسيحيين والمسلمين، فالمجمع المقدس يحض الجميع على أن يتناسوا الماضي، ويسعوا في تحقيق تفاهم صادق بينهم، ويعملوا معا على صيانة ودعم العدل في المجتمع والقيم الأخلاقية، وأيضا السلم والحرية لجميع البشر"(١).
إن هذه المقاربة الجديدة تفتح الباب واسعا للحوار البناء بين المسلمين الذين لم يكن لهم أصلا مشكل عقدي مع الديانة المسيحية، وإن كان لا بد من التنبيه إلى أن بعض التيارات الأصولية المسيحية المتطرفة لاتزال تتمسك بالصورة المشوهة السابقة، ومن بينها الحركات الصهيونية المسيحية في أمريكا. و قد إستمعنا لبعض رموز وأركان هذا التيار يسب الإسلام و ينعته بالديانة الزائفة الشريرة بعد تفجيرات نيويورك في سبتمبر ٢٠٠١.
أما بخصوص اليهودية، فلا بد من التمييز الواضح بين الجانب المتعلق بالمعتقدات و القيم الدينية والجانب المتعلق بالتوظيف السياسي والأيديولوجي لهذه القيم والمعتقدات كما هو شأن الفكر الصهيوني الذي قامت عليه الدولة الإسرائيلية المغتصبة والعدوانية. ولئن كان الإسلام يعترف برسالة موسى ويعظم أنبياء بني إسرائيل، ويقترب من حيث أحكامه وتعاليمه من الشريعة اليهودية (في مقابل المسيحية التي لا شرائع لها)، فإن النصوص التلمودية و شروح الهالاخاه المعتمدة لدى المؤسسة الدينية اليهودية لا تزال مشبعة بالكراهية والحقد على الديانتين
(١) حول الحوار الإسلامي - المسيحي راجع: ندوة العيش المشترك في الإسلام و المسيحية - اللجنة الوطنية اللبنانية للتربية و الثقافة و العلوم - بيروت ٢٠٠٢ - راجع على الخصوص بحث د. محمد السماك: في ثقافة الحوار الإسلامي - المسيحي (ص ٢٦٠ - ٢٦٦)