للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمسلمين. ان الغرب ليس كيانا واحداً بل يمتاز بالتنوع والاختلاف، كما أن المجتمعات العربية والإسلامية تعيش في ظل التنوع الثقافي والديني والاجتماعي. واذا كان صحيحا ان الغرب اخترع وصنع الصورة التى يريدها عن المسلمين والعرب، فإن المسلمين ايضا صنعوا صورتهم عن الغرب، فلا العالم الإسلامي يظهر على حقيقته ولا الغرب يظهر على حقيقته. واذا كنا ننتقد تشويه الغرب صورة المسلمين والعرب، الا اننا لا ننتبه إلى ان صورة الغرب ليست أقل تشويها (١) ..

ان الحل الوحيد الممكن لجوع البعض وبطالة البعض الآخر وهجرة الجياع في بحثهم الوهمي عن العمل، هو تغيير جذري لعلاقة الغرب مع العالم الثالث، مع وضع نهاية لسيادة الغرب ولتبعية الجنوب لان التبعية هي التي تنتج التخلف، نحن نعيش عالما مشطورا بين الشمال والجنوب، وفي الشمال كما في الجنوب، بين من يملكون ومن لا يملكون شيئا: ال ٢٠% الأكثر ثراء على الكوكب يحوزون ٨٣% من الداخل العالمي، وال ٢٠ % الأكثر فقرا يحوزون ١.٤ %. وحيث إن الاستعمار خلال خمسة قرون ونظام بريتون وودز خلال نصف قرن قد خلقا عدم المساواة هذا بين الشعوب، فان التبادل الحر يعمل على تفاقم السيطرة والتبعيه. ويرى جارودي في كتابه "كيف نصنع المستقبل" ان تغيير الانحرافات الراهنه يمكن ان يتم من خلال:

اولا: تدمير الاسطوره التي تضفي كلمة ديمقراطية على حرية السوق ... فالسوق الحر قاتل للديمقراطية ... (بواسطة تراكم الثروة في قطب والبؤس والفقر في القطب الآخر). وهذا يتضمن بعض القرارات السياسية التي تعمل على التحرر من العولمة المزعومة للاقتصاد، أي من الإرادة الأمريكيه التي تريد إن تجعل من أوروبا ومن باقي العالم مستعمرة تفتح منافذ أمام اقتصادها الخاص في جميع المجالات: من المنتجات الزراعية إلى الصناعات الفضائية ومن المعلومات إلى السينما.

ثانياً: ضرورة اعادة حرية تأسيس علاقات جديدة جذرياً مع العالم الثالث، وهذا يعني:


(١) مستقبل العلاقات الدولية من صراع الحضارات إلى انسنة الحضارة وثقافة السلام - د. محمد سعدي - مركز دراسات الوحدة العربية - بيروت ٢٠٠٦ - ص ٣٦٨

<<  <  ج: ص:  >  >>