الكنيسة الجديدة (البروتستانتية والتطهيرية) معهم كشعب ميزه الله عن سائر الشعوب الاخرى، وانه - اى الشعب اليهودى - يملك صكاً الهياً بملكية الارض المقدسة، وان عودته إلى فلسطين تحقق نبوءة توراتية تمهد للعودة الثانية للمسيح. واذا كان هذا الفكر اليهودى قد تمكن كذلك، من ربط العقيدة الدينية المستحدثة بالمصالح الاستراتيجية للدول الغربية، فانه لم يقف عند هذه الحدود، بل حاول التسلل ايضاً إلى الإسلام نفسه في مواكبة تكاملية مع ما كانت تتعرض له المسيحية.
ومن الجدير بالذكر ان محاولة التسلل إلى الإسلام لم تلقى اهتماماً اسلامياً مبكراً لاسباب عديدة، اهمها هي ان الغاية من هذه المحاولة لم تكن موجهة إلى المسلمين والعرب مباشرة، بقدر ما كانت موجهة إلى الاوربيين. كما ان الذين قاموا بتلك المحاولة هم من الفلاسفة واللاهوتيين والمستشرقيين اليهود الاوربيين الذين كتبوا الافكار التى اختلقوها باللغات الاوربية، ولذلك بقيت الافكار بعيدة عن متناول المسلمين العرب حتى اواخر القرن التاسع عشر. فالمحاولة أو المحاولات اليهودية - الاوربية، تناولت الإسلام كدين، وتناولت العرب كمجتمع، تم طرحت موضوع الدور والحضور اليهوديين في كلا الامرين. فبالنسبة للدين الإسلامى، حاول الفكر اليهودى ان يقدم الإسلام وكأنه اقتباس عن اليهودية، حيث حاول بعضهم اظهار النبى محمد صلى الله عليه وسلم، وكأن لا عمل له سوى الاقتباس عن اليهودية، وحاول آخرون ان يصور يهود الجزيرة العربية على انهم المصدر الذى استقى منه الرسول الكريم هذه الافكار. وعلى الخط نفسه زعم بعضهم بالاثر اليهودى على عقيدة التوحيد في الإسلام، واكدوا على اهمية الدور اليهودى وحجمه في الجزيرة العربية، حتى المؤسسات الإسلامية نسبوها إلى اليهود.
هذه الدراسات اليهودية حاولت من جهه اولى ان تنكر المقومات الذاتية للحضارة الإسلامية العربية، وحاولت من جهه اخرى ان تدعى استمرارية الوجود اليهودى في المنطقة، وان تنفى الغياب اليهودى عن المنطقة العربية تبريراً لقرار العودة ممثلاً في فكر الصهيونية. واذا كان بعض المفكرين العرب المحدثين قد سقط ضحية تضليل هذا الاستشراق اليهودى، فان الإسلام خلافاً لما حدث في المسيحية، استعصى على الاختراق واحتفظ بسلامة العقيدة وبنقاوتها. غير ان الفكر