أنفسهم وعلى بلدهم عباءة الاضطلاع بعبء رسالة حملت العناية الإلهية ذاتها لا أقل، الأمة الأمريكية بها لصالح البشر جميعاً.
وقبل أن اختم هذه المقدمة أود الإشارة إلى أمر مهم، وهو أن هذا الكتاب، لا يهدف إلى القول بأن كل مسيحيي العالم يدعمون إسرائيل ويؤيدون ما تقوم به في فلسطين، بل إن هذا الأمر مقتصرٌ فقط على إتباع المذهب البروتستانتي الذين ينتشرون في أمريكيا وبريطانيا وبعض الدول الأوربية واستراليا، أما الطوائف المسيحية الأخرى ـ كاثوليك وارتوذكس ـ فلا يؤمنون بالتفسيرات والنبوءات التوراتية الخاصة بإسرائيل كما وردت في الإنجيل، ولهم موقفهم الخاص من اليهود وإسرائيل، والذي يصل إلى حد العداء. فالصليبيون الجدد الذين نتحدث عنهم في هذا الكتاب، هم أتباع المذهب البروتستانتي، الذي ظهر مع ما سمي بحركة الإصلاح الديني في القرن السادس عشر. أما بالنسبة لموقف المسيحيين العرب، فلا مجال هنا للمس بهم وبمواقفهم المشرفة عبر التاريخ وبنضالهم في سبيل نصرة قضايا أمتهم العربية وعلى رأسها قضية فلسطين، حيث شاركوا بكل قواهم في التصدي للخطر الصهيوني، سواء بدمائهم أو بأقلامهم التي كانت لها صولات وجولات في فضح الخطر الصهيوني، والتصدي له من خلال كتابات ومواقف كثيرة.
إن هذه الإشارة وهذا التوضيح كان ضرورياً، حتى لا يظن البعض أننا نهدف إلى تصعيد الصراع بين المسيحية والإسلام في وقت حقق الحوارـ بين الإسلام وممثلي الكنائس الأرثوذكسية والكاثوليكية، تفاهما واتفاقاً حول كثير من الأمور، والذي نتمنى أن يستمر للوصول إلى تعايش وتعاون مثمر بين أتباع الديانتين، بعيداً عن محاولات التهويد المنظم التي تخضع لها الفرق المسيحية البروتستانتية. كما إن هذا التوضيح كان ضروريا حتى لا يوضع المسيحيون العرب موضع الاتهام عن جهل أو سوء نية، فالتعايش المسيحي الإسلامي في عالمنا العربي سيظل شاهداً على التسامح والتعاون المثمر بين الأديان بالرغم من كل المحاولات التي يقوم بها أعداء أمتنا العربية من أجل تعكير صفو هذا التعايش.
والكتاب الذي بين أيدينا ينقسم إلى خمسة أقسام، تعالج جميعها موضوع رئيس وهو أثر البعد الديني في تشكيل السياسة العدائية البريطانية والأمريكية