للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أول خطاب له في ولاية فرجينيا بأن: "أحداً لم يسأله إذا كان كاثوليكياً أم لا؟ عندما انخرط في صفوف القوات البحرية الأمريكية". وطرح (جون كيندى) هذه المسألة أكثر من مرة، بهدف استعطاف الناخبين المعاديين للكاثوليكية.

ولم يتوقف جون عند هذه الحدود، بل أكد فيما بعد بأنه سيشكل حكومته دون اخذ العوامل الدينية بعين الاعتبار، وانه سيفصل بين عقيدته الدينية وعمله السياسي، حيث أسهمت توكيدا ته تلك وقيامه بذلك فعلاً أثناء رئاسته، إسهاما كبيراً في تخفيف أية مخاوف من بسط نفوذ الفاتيكان، القوة الأجنبية على أمريكا، فكان هذا التصريح بمثابة هجوم نفسي ضد أهالي فرجينا الغربية والذين يدينون بالبروتستانتية" (١).

وبالرغم من كل الجهود التي بذلها كيندى للفوز بالانتخابات إلا أن فوزه كان بمثابة معجزه وأمر غير عادى وخروجاً عن المألوف. فعندما تمت انتخابات الرئاسة الأمريكية في ٨ تشرين الثاني عام ١٩٦٠م، حصل (جون كيندى) على ٤٩.٧% من مجموع الأصوات، وحصل ريتشارد نيكسون على ٤٩.٦% من مجموع أصوات الناخبين الأمريكيين. وكان الفارق بين النتيجتين ضئيلاً جداً. وصوت في هذه الانتخابات ٦٤.٥% من اصل ١٠٧ ملايين أمريكي. ويعتبر هذا العدد قليلاً جداً حسب المقاييس الأوربية، وكبيراً جداً حسب المقاييس الأمريكية. وهذه النتيجة التي فاز بها (كيندى) تؤكد حقيقة سيطرة الأنجلو سكسون البروتستانت على الحياة الأمريكية وأنهم لن يسمحوا لاحد غيرهم بحكم أمريكا مهما بلغ الأمر، وبالذات إذا كان كاثوليكياً حيث تنتشر بين البروتستانت الأوهام الدينية على اوسع نطاق. وتشتد مشاعر العداء التاريخية التقليدية للديانة الكاثوليكية، حيث لعب هذا دوراً ملحوظاً في انتخابات الرئاسة في عام ١٩٦٠ حيث فاز كنيدي على منافسه نيكسون بفارق ضئيل جداً في عدد الأصوات. ومن المفارقات أن ٤.٥ مليون من البروتستانت الديمقراطيين قد صوتوا ضد مرشح حزبهم ـ أي ضد الكاثوليكي كنيدي" (٢). فالصراع يشتد في أمريكيا بين الروح الانجلوسكسونية وروح المهاجرين الجدد، إلا أن المزاج البريطاني


(١) الدين والثقافة الأمريكية - جورج مارسدن - ترجمة صادق عودة ص٢٤١
(٢) تاريخ الإرهاب الأمريكي (الكوكلاكس كلان) - ر. ف. إيفانوف ـ أي. ف. ليسينفسكي- ترجمةغسان رسلان.- اللاذقية: دار الحوار، ١٩٨٣

<<  <  ج: ص:  >  >>