للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مضنية وجدية لحل هذه المشكلة، إلا أن حكومة الكويت وبإيعاز بريطاني أمريكي تمسكت بردود فعل تتسم باتخاذ مواقف متشددة بلغت ذروتها في اجتماع جدة (١)، وما تبعه من احتلال للكويت، حيث أن واشنطن قررت أن الأوان قد آن لتحطيم القدرة العسكرية العراقية ويجب توظيف مجلس الأمن لهذا الغرض، حيث تمكنت من الحصول علي قرار دولي يجيز استخدام القوة ضد العراق، بعد رفضها كافة الحلول السلمية للأزمة. وتذكر (فيليس بينس) أن الإدارة الأميركية لم تسمح لمجلس الأمن بمناقشة مشروع انسحاب عراقي من الكويت، جاء به في اللحظة الأخيرة من بغداد (ييغينوف بريماكوف) وزير الخارجية الروسي آنذاك. بل وأثناء التصويت على القرار رقم ٦٧٨ الذي خول الولايات المتحدة باستخدام القوة, قامت واشنطن برشوة أعضاء المجلس ـ الدائمين وغير الدائمين ـ المترددين في التصويت وأهمهم الصين، وكولومبيا، وأثيوبيا. والدولة الوحيدة التي عارضت استخدام القوة هي اليمن, دفعت ثمنا غاليا لقاء ذلك. إذ فور أن رفع (عبد الله صالح الأشطل) مندوب اليمن في مجلس الأمن يده معارضاً القرار مال عليه أحد المسئولين الأمريكان وهمس في أذنه "إن تصويتك هذا سوف يكون أكثر كلفة من أي تصويت قمت به من قبل على الإطلاق" (٢).

واستناداً إلى روايات وكتابات عدة، فإن الأزمة في العراق بدءاً من احتلال الكويت إلى احتلال العراق افتعلت لخوض حرب، وكان يمكن حلها دبلوماسياً، وكان هذا رأي (كولن باول) عام ١٩٩٠م عندما كان رئيساً لأركان الجيش الأميركي، (وجيمس بيكر) وزير الخارجية الأميركي الأسبق، ولكن (سكوكروفت) مستشار الأمن القومي عام ١٩٩٠م كان يرى أن هذه الأزمة تقدم فرصة لا تعوض للحرب، وإبقاء نصف مليون جندي في المنطقة إلى أجل غير محدد، وأن انسحاب صدام من الكويت سيفوت فرصة الهيمنة على المنطقة (٣). ولهذا فقد كان احتلال العراق للكويت لحظة، تاريخية للولايات المتحدة تنتظرها بلهفة، بل إنها استدرجت النظام السياسي


(١) دول محور الشر الإرهابية - أمريكا .. بريطانيا .. إسرائيل ـ محمد عبد الحميد الكفري ص٢٧
(٢) العراق تحت الحصار: الأثر المميت للعقوبات والحرب تأليف أنتوني آرنوف (محرر) - ص ٤١ - خدمة كمبردج بوك ريفيو
(٣) حرب آل بوش - تأليف/ أريك لوران، ترجمة: سلمان حرفوش ـ عرض/إبراهيم غرايبة

<<  <  ج: ص:  >  >>