ومهما حاولنا أن نتكلم عن الأهداف التي تسعى أمريكا وحلفائها إلى تحقيقها من خلال تحيزها إلى جانب إسرائيل، فإن هذا التحيز بحساب المصالح يعد خاسراً وفيه مغامرة كبيرة لا تحمد عقباها على هذه الدول. فأمريكا وحلفائها يمكنهم أن يبقوا على هذه المصالح، بل ويزيدونها من خلال وقوفهم موقفاً عادلاً وليس متحيزاً حيال الصراع العربي الإسرائيلي. فما دامت هذه المصالح مصانة إلى حد كبير بالرغم من وجود التحيز الأمريكي و الأوروبي لإسرائيل، فأنها ستكون مصانة أكثر لو أن هذا الموقف تغير لصالح القضية العربية. فالتاريخ لم يشهد محاولة دولة معينة الحفاظ على مصالحها في منطقة معينة عن طريق معاداتها لدول هذه المنطقة، أو التحيز لمن يعاديها. فأي دولة تريد الحفاظ على مصالحها في منطقة معينة، تسعى بكل الوسائل إلى تعزيز روابطها بدول هذه المنطقة، وتحاول بقدر المستطاع الابتعاد عن كل ما من شأنه أن يعكر صفو هذه الروابط، حتى لا ينعكس ذلك سلباً على مصالحها. ولهذا فإن حساب المصالح هذا دفع كثير من الدول الأوربية إلى تغيير سياستها حيال الصراع العربي الإسرائيلي، بحيث أصبح هذا الموقف أكثر اعتدالاً ومعقولية من ذي قبل (فرنسا، ألمانيا، بلجيكا وإيطاليا على سبيل المثال)، كما أن هذه الدول تحاول قدر المستطاع الابتعاد عن كل ما يمكن أن يؤثر سلباً على علاقاتها مع الدول العربية. ولكن الموقف البريطاني والأمريكي بالذات بقى كما هو عليه، بل أزداد في تحيزه ودعمه لإسرائيل، وأصبح موقفاً استفزازيا وعدائياً أكثر من أي وقت مضى. ففي أعقاب كل عدوان إسرائيلي على الأمة العربية والشعب الفلسطيني، تجد إسرائيل مكافأة أمريكية تنتظرها، ابتداءً من صفقات الأسلحة المتطورة والمعونات الاقتصادية الضخمة، وانتهاء باستخدام حق الفيتو ضد أي قرار يكون في غير صالح إسرائيل.
فأي مصلحة اقتصادية أو عسكرية أو سياسية ستعود على أمريكيا من خلال نقل سفارتها إلي القدس الشريف، بالرغم من إدراك صانعي القرار في أمريكيا بالمكانة الخاصة للقدس في قلوب ملايين العرب والمسلمين والمسيحيين .. ؟ بالطبع لا توجد أي مصلحة من هذا النوع، حيث أن هذا القرار كغيره من القرارات الأمريكية