للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله" (رؤيا ٩: ١٣). "وانفتح هيكل الله في السماء وظهر تابوت عهدة في هيكله" (رؤيا ١١: ١٩).

ولم يقتصر الأمر علي هذه الصور المركبة والتراثية الواردة في التوراة، بل إن الصفات التي نسبها يوحنا إلى ألهه هي الصفات ذاتها التي نسبها أنبياء التوراة إلى يهوه، منها مثلاً الغضب، يقول اللاهوتي: "معصرة غضب الله العظيمة" (رؤيا ٢٤: ١٩). "سبعة جامات من ذهب مملوءة من غضب الله" (رؤيا ١٥: ٧) "اسكبوا جامات غضب الله على الأرض" (رؤيا ١٦: ١). كما أن هذا الإله يتجلى ليوحنا كما تجلى يهوه (الرب) لأنبياء بني إسرائيل جميعاً. يقول يوحنا "فلما رأيته سقطت عند رجليه كميت، فوضع يده اليمنى علي قائلاً لي: "لا تخف، أنا هو الأول والآخر" (رؤيا ١: ١٧). وهذا المسيح اليهودي كالإله اليهودي يهوه اختار جماعة معينه من البشر واختص بهم الهاً كما اختصوا به شعباً: "اشتريتنا (اخترتنا) من كل قبيلة ولسان وشعب وجعلتنا كهنة" (رؤيا ٥: ١٠). "سيسكن معهم، وهم يكونون له شعباً، والله نفسه يكون معهم إلهاً لهم" (رؤيا ٢١:٣).

أما عن النهاية ويوم القيامة بعد معركة هرمجدون، فقد اختار الرب "المختونين من بني إسرائيل، مائة وأربعة وأربعين ألفاً" (رؤيا ٧: ٤). "ووقف على جبل صهيون ومعه مائة وأربعة وأربعون ألفاً" (رؤيا ١٤: ١) أما البقية الباقية من الأمميين فليس لها سوى الدمار والإبادة في هذه المحرقة الإلهية، وذلك كرامة شعبه المختار. ونلاحظ هنا أن هذه الوحشية والدموية التي أفرغها يوحنا اللاهوتي في رؤياه، ليست بعيده عن الفكر اليهودي، فالوحشية والدموية صفة ملازمة لحكى العهد القديم عن يهوه وعن الشعب اليهودي، إلى الحد الذي جعل المؤرخ اليهودي "ادوارد ماير" يصف يهوه بأنه "شيطان دموي من شياطين البراكين، لكنه هكذا رأى حزقيال وغيره من "نبييم" اليهودية ما تنبغي أن تكون عليه الإلوهية (١). فزوروا التاريخ فاختصوا لأنفسهم بتاريخ جعلوا فيه الخالق قائداً حربياً مولعاً بسفك الدماء، وإزهاق أرواح


(١) المسيحية والتوراة - شفيق مقار ص٣٠٣

<<  <  ج: ص:  >  >>