للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السيطرة التي تفرضها هذه العقيدة على خيال وتفكير الإنجيليين الأمريكيين، حتى على الذين لا يقارنون أنفسهم بالإنجيليين لا يمكن تفسيرها على ما اعتقد إلا بالروابط الواضحة بين القصة الصهيونية والقصة الأمريكية" (١).

وهكذا فان هذا التراث الذي افرزه التهويد المنظم للمسيحية، والذي أدى إلى ظهور ظاهرة ما يسمى بالأصولية المسيحية (٢)، يعني في جانب بارز منه، أن هذه الظاهرة إذا ما استمرت وتعمقت، فإنها ستترك آثارا كبيرة داخل المجتمع الأمريكي نفسه، وبخاصة تجاه طرح منظومة قيم مختلفة، مستندة إلى مبادئ توراتية، كما سيكون لهذه الظاهرة أبعادها على مستوى العلاقات الأمريكية مع العالم الخارجي، وبخاصة في إطار الهيمنة الثقافية والقيمية الأخلاقية ولعل هذا النوع من الهيمنة قد يدفع باتجاه إدخال (الاصطفاء الإلهي) في السياسة الدولية (٣).


(١) عندما تختلط الأساطير بالنبوءات ـ جون هيوبرز- جريدة الخليج ١٥/ ٢/٢٠٠٣ م عدد٨٦٧٢
(٢) استخدمت كلمة أصولي عاغم ١٩٢٠م في البداية لتعني هذا التحالف من البروتستانت المحافظين المتشددين الذي كانوا يسعون للحفاظ على المؤسسة البروتستانتية الإحيائية التي قامت في القرن التاسع عشر، وقد ابتكر هذه الكلمة محرر صحفي معمداني محافظ اسمه كيرتس لي لوز كوصف مميز لجماعة في معركة في المؤتمر أو التجمع المعمداني الشمالي (أكبر التجمعات المذهبية المعمدانية في شمال الولايات المتحدة) وانطوى الدفاع عن الأصوليين على الرغبة في الكفاح من أجل تعاليم أصولية معينة أنكرها التحرريون وتفاوتت قوائم هذه التعاليم وتنوعت لكنها اشتملت في العادة على معتقدات بعصمة الكتاب المقدس وولادة عيسى من امرأة عذراء وصحة معجزاته والتكفير عن الخطيئة من خلال موت المسيح وقيامه عيسى وعودته مرة أخرى. وتميز الأصوليون عن بقية المحافظين البروتستانت برغبتهم في المحاربة من أجل هذه المعتقدات والتعاليم ودرجوا على النظر إلى العالم من خلال صور تنطوي على الحرب أما الحرب فكانت على جبهتين: إذ كانوا يحاربون ضد عقيدة تحديثية في مذاهبهم وكذلك ضد بعض الاتجاهات الواضحة السائرة نحو العلمانية في ثقافتهم (الدين والثقافة الأمريكية جورج مارسدن ـ ترجمة صادق إبراهيم عودة ـ ص١٩٦"
(٣) الصهيونية المسيحية .. أصولها ونشأتها د .. يوسف الحسن / الخليج ١٥/ ٢/٢ .. ٣ عدد٨٦٧٢

<<  <  ج: ص:  >  >>