للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالعودة إلى فلسطين على أثر قرار قورش ملك فارس. وحينما ارتكبوا اشد المعاصي مره أخرى برفضهم الاعتراف بيسوع المسيح الذي تمم الوعد عاقبهم الله اشد العقاب فبدد شملهم-كشعب- ورمى بهم في ارجاء الارض. وهكذا لم يعد أمامهم أمل في الخلاص الفردي إلا باعتناقهم المسيحية (١).

لهذا كان موقف الكنيسة الكاثوليكية من اليهود ـ ولازال مع حدوث بعض التغيرات لصالح اليهود ـ موقفاً متشدداً، حيث كان ينظر إلى اليهود نظرة عدائية بسبب رفضهم الإيمان بدعوة السيد المسيح وكفرهم بها، ولذلك وصفهم السيد المسيح أكثر من مرة (بخراف بنى إسرائيل الضالة) وبغيرها من الأوصاف، كما أن اليهود كانوا يعتبرون مارقين وكفرة، واتهموا بأنهم قتلة المسيح. وقد كان الكاثوليك يعتقدون أن الغضب الإلهي حل على اليهود بسبب جرائمهم المتكررة عبر تاريخهم، وأنهم بذلك استحقوا فترة النفي البابلي (٥٨٦ـ٥٣٩ ق م) من ضمن عقوبات إلهيه عديدة توجت بطردهم النهائي من فلسطين في العام ٧٠م، وأما النبوءات بعودتهم إلى الأرض المقدسة فقد تحققت فعلاً بحسب المعتقد الكاثوليكي عندما سمح لهم قورش ملك الفرس بالعودة من بابل إلى فلسطين (٥٣٧ ـ٥١٥ ق م). "وعلى ذلك فان طرد اليهود من فلسطين على يد الرومان في العام ٧م كان نتيجة مباشرة لرفضهم الإيمان بمسيحهم المنتظر عيسى عليه السلام، مما أدى لانتهاء وجودهم كأمة وتشريدهم في أصقاع الأرض، وقد استحقوا هذا العقاب ليس فقط لرفضهم المسيح وتآمرهم على قتله، بل لأنهم كانوا بعد ذلك يتحالفون مع وحش (الرؤيا) عدو المسيح، كلما سنحت لهم فرصة، مما جعلهم الأعداء التقليديين للمسيحية" (٢).

لذلك لم يكن هناك في العقيدة الكاثوليكية التي تلتزم بالتفسير المجازى للإنجيل أدنى فكرة أو احتمال لعودة اليهود إلى فلسطين، أو بعث الأمة اليهودية من جديد، لأن هذه الأمة حسب رأيهم انتهى وجودها بظهور دعوة السيد المسيح. فرجال الدين الكاثوليك كانوا يعتقدون أن الفقرات الواردة في العهد القديم والتي تتنبأ بعودة اليهود إلى فلسطين وبمستقبل مشرق لإسرائيل لا تنطبق على اليهود،


(١) فلسطين ارض الرسالات السماوية - روجيه جارودي - ترجمة قصي اتاسي- ميشيل واكيم - ص١٣٩
(٢) المسيحية والإسلام والاستشراف ـ محمد فاروق الزين ص٢٧١

<<  <  ج: ص:  >  >>