المسيحية عن اليهودية في تفسير هذا الجزء المشترك المسمى بالعهد القديم، ولكل من الطرفين تفسير لاهوتي مختلف، وإن بقيت الكثير من طقوس العبادة والحياة المسيحية، لكن الخلاف الجوهري والفاصل في ما بينهما هو على هوية يسوع الناصري (١)، وتفسير العهد القديم. ولهذا فقد كان العهد القديم (التوراة) مهملاً قبل حركة الإصلاح الديني، حيث كان الاعتماد الأساسي على العهد الجديد، ورسائل الرسل، والإلهامات غير المكتوبة للباباوات، وكانت اللغة العبرية لغة ميتة، حيث كانت الأساطير الكاثوليكية ترى أن دراسة اللغة العبرية تسلية الهراطقة، وأن تعلمها بدعة يهودية.
فالكنيسة الكاثوليكية عملت على تطوير الكنيسة عبر العصور، وخلصتها من الكثير من العناصر الوثنية العالقة بها، وخصوصاً العهد القديم، بل إنه كان هناك اتجاه في بدايات العهد المسيحي لإلغاء العهد القديم، وعدم اعتباره ضمن الكتب القانونية الدينية، لكن اتجاهاً آخر رأى في حذفه خسارة للمسيحية، إذ يعني ذلك حرمان الكنيسة من حقها في وراثة اليهودية. لكن هذا الأمر تطلب من الكنيسة المسيحية محاصرة العناصر الوثنية في العهد القديم، وتقديم تفسيرات مجازية ورمزية لكل ما جاء فيه. فكلمات: القدس، أو أورشليم أو صهيون أو الأرض الموعودة .. الخ عند الكاثوليكية، تحمل معاني روحية، وتقع في السماء، وليست أسماء لأمكنة حقيقية على الأرض. كما رأت في مسألة عودة اليهود إلى فلسطين أنها عودة تمت قبل ميلاد المسيح حينما عاد بعض اليهود من سبي بابل في القرن الخامس قبل الميلاد، وان أمر اليهود انتهى كشعب يحفظ وديعة ويسلمها للمسيحيين، وأن الشعب المختار هو كل من يؤمن بالله.
وبناء على هذا التفسير الجديد للعهد القديم اعتبرت المسيحية التقليدية أن ما ورد في العهد القديم هو أحداث وقعت في الماضي، أو نبوءات تم تحقيقها، وان ما جاء في العهد الجديد هو ثورة على العهد القديم، وفقاً لما جاء في إنجيل يوحنا " لو كنتم أبناء إبراهيم لعملتم أعمال إبراهيم" ورأت أن كل القصص التي رواها العهد
(١) أوجه التشابه .. والاختلاف ـ د. جورج صبرا جريدة الخليج ١٥/ ٢/٢ .. ٣ عدد٨٦٧٢