للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استخدام أبشع الوسائل والأسلحة الفتاكة لتحقيق اهدافهم، بسبب التفسير البشري لسفر الرؤيا الذي عبثت فيه أهواء البشر وفهمهم القاصر، بحيث كان تفسير سفر الرؤيا يتردى من سيئ إلى أسوأ كلما تقدم الزمان وتعاقب على تفسيره مختلف الأشخاص" (١). فالملاحظ أن من يعتبرون أنفسهم حجاجا إلى فلسطين، من المسيحيين الأمريكيين الأصوليين، يضعون على صدورهم لوحة صغيره كتب عليها: "نحن نحبك يا إسرائيل، لأن الله يحبك". والواضح أن الوعاظ الأصوليين من آمثال (جيري فالويل) نجحوا في أن يجعلوا من رؤيا يوحنا نوعا من التقديس لإسرائيل، في حين أنها ليست سوى ميثولوجية، عملت على تشويه رسالة المسيح بشكل سافر، والنتيجة البحتة لكل ذلك أن الأصوليين المسيحيين في الغرب جعلا من تقديس إسرائيل ديانة جديدة لهم، تعلو على ديانة المسيح الحقيقية، فقد تعمد الوعاظ الأصوليين، ونجحوا في أن يجعلوا من رؤيا يوحنا وسيلة هائلة لمساعدة إسرائيل، فكان أن تكيفت السياسة الأمريكية نحو الشرق الأوسط عموماً ونحو فلسطين خاصة، لدرجة أن جعلت مصير أمريكا مرتبطاً بمصير إسرائيل، وقد قالها (فالويل) بلا مواربة: "لو أهملنا حماية إسرائيل، فلن يكترث بنا الله". وبعبارة مختصره ومبسطه: فإن إسرائيل هي العمود الفقري للعقيدة المسيحية الأصولية، ومن دونها تنهار هذه العقيدة (٢).

وبعد مرور قرابة ألفي عام على رحيل يوحنا، واستنادا إلى رأياه لا يزال المسيحيون الأصوليون في نصف الكرة الغربي، مقتنعين مع أتباعهم، بأن نشوء إسرائيل في فلسطين كان مقدمة حتمية لا بد منها لتحقق المجيء الثاني، ونهاية التاريخ، حيث يمكن تلخيص العقلية المسيحية الأصولية الغربية بإيجاز بالعبارة التالية: لا يمكن للمسيح أن يعود ما لم تكن هنالك إسرائيل يمكنه العودة إليها"، وبعبارة أخرى، لما صارت إسرائيل حقيقة واقعة، فقد بدأ العد التنازلي لنهاية العالم.


(١) الصليب والهلال - المؤلف: محمد عارف زكاء الله - الناشر: ذي آذرز، كوالالمبور- الطبعة: الأولى/٢٠٠٤ - الجزيرة نت
(٢) المسيحية والاستشراف والإسلام - محمد فاروق الزين ـ ص٢٥٩

<<  <  ج: ص:  >  >>