للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى هذا الحد يصل التطابق بين النصوص التوراتية، والممارسات على ارض الواقع، وربما هذا ما كشفه احد القادة الصهاينة، عندما قال: أننا نطبق على العرب بروتوكولاتنا حرفياً .. فعقولهم بأيدينا ... لأن غزونا الثقافي لهم أهم من غزونا العسكري ... ولن يأتي عام ٢٠٠٠م، حتى تكون المنطقة مهيأة لمليكنا المنتظر" (١). فنحن أمام دولة غادرة معتدية لا ذمة لها ولا عهد ولا ميثاق. لقد مزقت ميثاق مدريد واتفاق اوسلو، وهجمت بجرافاتها على أسوار القدس، وهي تمارس البلطجة في حماية الراعي الأمريكي رئيس الكون .. فماذا يمنعها من خرق كامب ديفيد واكتساح سيناء؟ (٢). فالرؤية الإسرائيلية للعملية السلمية عبر عنها أحد الجنرالات الإسرائيليين، باعتبارها جزءا من الحرب ليس إلا. فهذا الجنرال يقول لمراسل صحيفة بوسطن غلوب الأميركية " ... بهذه الطريقة نقلب منطق (كلاوس فيتز) رأساً على عقب, حيث نجعل من الدبلوماسية حرباً لكن بوسائل أخرى". هذا هو جوهر الرؤية الإسرائيلية لـ "العملية السلمية"، فهي عملية استثمار في الوقت لإتاحة المجال للإستراتيجيات الحربية والعسكرية، لأن تكرس نفسها وتستمر في إذلال الآخرين (٣).

هذا هو توهمهم .. ومن أجله يعملون .. وعنه لا يحيدون مهما كانت الحوائل والعقبات .. ولذا فإن مناداتهم بالسلام لا تكف عن النعيق .. إنه في نظرهم سلام .. ولكنه السلام المشوب بالحذر والترقب .. السلام الذي لا يعطل لهم عملاً، ولا يوقف لهم خطة، ولا يؤثر في مشاريع التوسع .. وهم ينطلقون في هذا من قاعدة عريضة هي قاعدة (أحلام اليقظة) في عالم ملئ بالمتناقضات، يحكمه المنجمون والعرافون، وتحدد مساره نبوءات بنى صهيون التي دفعت اليهود إلى التعجيل باتفاقية غزة أريحا أولاً" (٤).


(١) جريدة يدعوت احرنوت الإسرائيلية ١٩٦٨
(٢) إسرائيل .. البداية والنهاية - د. مصطفى محمود ص١١٣
(٣) الوسيط الخادع .. دور الولايات المتحدة في إسرائيل وفلسطين المؤلف: نصير عاروري الطبعة: الأولى ٢٠٠٣ـ كامبردج بوك ريفيوز
(٤) اريحا المدينة الملعونة -ماذا يخطط اليهود لفلسطين حتى عام ٢٠٠٠؟ من محمد عزت محمد عارف- ص٣٣ - دار الاعتصام, ١٩٩٤

<<  <  ج: ص:  >  >>