كانت هناك كثير من الأصوات الشريفة، والشجاعة في الغرب، والتي تمردت على الخطاب الرسمي في بلدانها، ورفضت الانصياع لمنطق تحقيق المصلحة القومية النفعية تحت أي ظرف وبأي ثمن, ولو كان ذلك الثمن تدمير شعوب وسحقها, وإرجاع بلدان بأكملها إلى قرون التاريخ السحيق.
وبعد ...
هذه هي قصة حرب الخليج الثانية وما تبعها من حصار، والتي تبدو وكأنها سيناريو معد مسبقاً، تم تنفيذه بإتقان، لتدمير القوة العراقية، التي تهدد إسرائيل، حيث استخدمت دول عربية ككبش فداء، لتمرير هذا المخطط من خلال تبعيتها الكاملة وتآمرها مع أمريكا، وعدم إدراكها لما يعد لها وللمنطقة على أيدي الأمريكان والإنجليز والصهاينة. فكانت حرب الخليج الثانية، التي لم تنته بتدمير العراق، ونهب ثروات المنطقة واحتلالها، بل استمرت لمدة ١٣ عاماً من خلال فرض حصار جائر وهمجي على الشعب العراقي، أدى إلى مقتل ملايين العراقيين من أطفال وشيوخ، بالإضافة إلى ترسيخ الاحتلال الأمريكي لمنطقة الخليج، وزيادة القواعد العسكرية فيها واتساعها، مما خلق جو من عدم الاستقرار في المنطقة، بسبب التهديدات الأمريكية المستمرة بالحرب على العراق، والتي ألحقت أضرار هائلة باقتصاديات هذه الدول، وقضت على سيادتها واستقلالها.
والآن تكرر أمريكيا نفس المحاولة، لضرب صمود وشموخ الشعب العراقي، الذي لم تهز إيمانه ويقينه تلك الحرب الهمجية، والحصار الجائر، الذي لم يشهد التاريخ مثيلاً له، ولم تثنه التضحيات الجسام التي قدمها عن التخلي عن التزاماته تجاه القضايا العربية والإسلامية، وعلى رأسها قضية فلسطين، بل كان ولازال، أمل هذه الأمة في النهوض والتحرر. نعم كررت أمريكيا المحاولة، وضربت العراق، واحتلت أراضيه، ليس لتحرير الكويت التي لم تحرر، أو لتطبيق قرارات ما تسمى بالشرعية الدولية، بل من اجل تدمير البقية الباقية من القوة العربية، لإعادة رسم خريطة جديدة للمنطقة، حسب المتطلبات التوراتية لإسرائيل، والتيار الديني الأصولي في أمريكا، لتكون هذه الحرب (هرمجيدون) فرصة للانتقام من كافة مضطهدي إسرائيل، ومقدمة ضرورية لعودة مسيحهم المنتظر، وتدمير الأقصى