للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النقيض أن الأميركيين الذين أعلنوا استقلال أميركا عن الاستعمار البريطاني في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، كانوا مجموعة متجانسة من المستوطنين البريطانيين البروتستانت، الذين توافدوا إلى العالم الجديد من أوروبا، وخاصة بريطانيا، لكي يستقروا فيه ويعمروه للأبد. ويرى أن هؤلاء المستوطنين وضعوا بذور المجتمع الأميركي، انطلاقاً من مبادئهم وثقافتهم الأنغلو ـ بروتستانتينية التي لولاها لما قامت أميركا، التي نراها اليوم. ولذا يرى (هنتنغتون) أن لأميركا هوية محددة هي هوية هؤلاء المستوطنين، التي تقوم على ركائز أربع أساسية، هي العرق الأبيض، والإثنية الإنجليزية، والدين المسيحي البروتستانتي، والثقافة الإنجليزية البروتستانتينية. ويعتقد (هنتنغتون) أن الخصائص الأربع السابقة، انعكست بوضوح على جميع خصائص المجتمع، والدولة بالولايات المتحدة، وظلت سائدة حتى نهاية القرن التاسع عشر الميلادي تقريباً (١).

كما ان القارئ لتاريخ الولايات المتحدة الأمريكية منذ تأسيسها، يمكنه أن يلحظ إلى أي حد مثل الدين أساسا، أقيم عليه العالم الجديد (أمريكا). فقد جاء المستعمرون البيوريتانيون ـ الذين أسسوا مستعمرة خليج ماساتشوستس إلى العالم الجديد بدوافع دينية إلى حد ما. لقد جاءوا من إنجلترا إلى هنا لكي يحيوا حياتهم بالشكل الذي يتماشى مع رؤاهم الدينية، حيث تعذر ذلك في إنجلترا خلال الحكم العدائي لجيمس الأول، وشارلز الأول. ورأى الكثير منهم أنه من الأفضل لهم الذهاب إلى مكان آخر، لممارسة معتقداتهم. لذا قام البيوريتانيون بتأسيس مستعمرة خليج ماساتشوستس في عام ١٦٣٠م وخلال العقد التالي هاجر أكثر من عشرين الف بيوريتاني إلى هذه المستعمرة (٢).

فقد كان عام ١٦٢٠م مرحلة رسو الباخرة ميلفور على الشواطئ الأمريكية، مقلة جماعة من المنشقين الدينيين، من جماعة البروتستانت، التي أنشأت انكلترا الحديثة (٣)، بداية هجرة جماعات كبيره من البريتانيون المتعصبين، فراراً من


(١) من نحن؟ تحديات الهوية الوطنية الأميركية: صموئيل هنتنغتون ـ ط١ ٢٠٠٤ - الناشر: سيمون آند سيشتر - الولايات المتحد- عرض/ علاء بيومي ـ الجزيرة نت ٢ـ٨ـ٢٠٠٤م
(٢) الدين والسياسة في الولايات المتحدة -ج١ـ مايكل كوربت ـ جوليا ميشتل كوريت ص٤٣
(٣) تاريخ الحضارة الغربية ـ كلود دلماس ـ ترجمة توفيق وهبه ـ ص ٧٦

<<  <  ج: ص:  >  >>