للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللازم لتفاهم حقيقي بين شعوب الأرض، بما يضمن المصالحة بين كافة الشعوب والأمم" (١). فباسم نفس المسيحانية المنقذة، أعلن هتلر ألف عام من النازية كسيطرة، وكإعادة تجديد للعالم بواسطة نقاء الشعب المختار الجديد: الآريون (٢). وبالطبع لم تجلب تطلعات هتلر لنظام عالمي جديد سوى الدمار والدماء لأوروبا والعالم، وانهارت أحلامه في بناء إمبراطورية عالمية يحكمها الجنس الآري، ولكن ذلك لم يمنع وجود نفس الأفكار والتطلعات على الطرف الآخر من المحيط، ممثلاً براعي البقر الأمريكي، حتى لو كان هذا النظام العالمي الجديد سيتحقق على أشلاء ملايين البشر، وأنقاض حضارات عريقة.

فنتيجة للحرب العالمية الأولى والثانية، تم رسم الحدود الاقتصادية للنظام العالمي الجديد، الذي يجب أن يكون خاضعاً لحاجات ومتطلبات الاقتصاد الأميركي، وقابلاً للتحكم والضبط السياسي الأميركي قدر المستطاع، ولذا كان يجب تفكيك سيطرة الإمبرياليات ـ خاصة الإمبريالية البريطانية منهاـ في الوقت الذي تعكف فيه واشنطن على توسيع الترتيبات الإقليمية الخاصة بها، في كل من أميركا اللاتينية، والمحيط الهادي، وفق مبدأ (ما يلائمنا يلائم العالم). لإن الأميركيين يؤمنون بأن الولايات المتحدة ترمز إلى شيء ما في العالم، شيء يحتاجه العالم، شيء سيحبه العالم، شيء سيتقبله العالم في آخر المطاف سواء أحبه أم لا.

فالتخطيط الأميركي للعالم، أقام إعادة بناء العالم الصناعي على نهج كفيل بتلبية احتياجات ومصالح قطاع المال والأعمال، الذي يمسك بخيوط السياسات، فالأولوية لاستيعاب فائض الصناعات الأميركية، وسد الفجوة الدولارية، وخلق فرص الاستثمار، فخطة (مارشال) وضعت الأسس للشركات المتعددة الجنسية، والاستثمارات، والصناعات الأميركية، لتمتد إلى ما وراء البحار، محمية بمظلة القوة الأميركية. وأسندت إلى أجزاء أخرى من العالم وظائف حددها مخططو وزارة الخارجية: على جنوب شرقي آسيا أن يزود الإمبرياليين بالموارد والمواد الأولية، ولكن ينبغي منح اليابان نوعا من الإمبراطورية باتجاه الجنوب، وأفريقيا تسلم للأوروبيين


(١) إمبراطورية الشرالجديدة ـ عبد الحي زلوم ـ ص٤٥ أو القدس العربي ٢٧/ ١ـ ٣/ ٢/٢٠٠٣
(٢) كيف نصنع المستقبل / روجيه جارودي ـ د. منى طلبهـ ص٦٨

<<  <  ج: ص:  >  >>