للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحضارة الغربية، وبالتالي المصير البشري ... فهل سيكون النظام العالمي الجديد القادم هو إمبراطورية عالمية أمريكية ... ؟ يجب أن يكون الأمر كذلك لدرجة أن تحمل الإمبراطورية العالمية تلك دمغة الروح الأمريكية. أما التهديد لهذه الرؤية، وهذه الإمبراطورية الأمريكية فسيأتي من آسيا كما جاء في مقال (أوربز): أما الإمبراطورية الأمريكية والجنس البشري فسوف لن يكونا متضادين، بل هما اسمان لشيء واحد هو النظام العالمي الجديد" (١).

ولكن هذا النظام الدولي الجديد، الذي عملت أمريكا على تأسيسه، لم يتحقق بسبب ظهور الاتحاد السوفيتي كقوة عالمية بعد الحرب العالمية الثانية، والذي شكل معضلة كبيرة في وجه دعاة تأسيس النظام العالمي الجديد، حيث توجهت جهودهم لمواجهة هذا الخطر الجديد من خلال تضخيم حجمه. فطوال ٧٠ عاماً، أقنعت الولايات المتحدة جزءاً كبيراً من العالم بأن هناك مؤامرة دولية تتربص به، مؤامرة شيوعية دولية، تسعى على اقل تقدير للسيطرة على الكوكب برمته، لأغراض ليس لها قيم تحقق الخلاص الاجتماعي، وجعلت العالم يعتقد انه يحتاج إلى الولايات المتحدة بطريقة ما لإنقاذه من غياهب الظلمة الشيوعية (٢). ولهذا نشطت هذه القوى في بداية الحرب الباردة، حيث كانت السياسة الخارجية الأمريكية يجري تنفيذها تحت العلم الخفاق لخوض حرب صليبية أخلاقية ضد ما أقنع به محاربو الحرب الباردة الشعب الأمريكي، ومعظم العالم وأنفسهم عادة، وهو وجود مؤامرة شيوعية دولية حقود، ولكن ذلك كان خداعاً دائماً، فلم يكن هناك مطلقاً ذلك الوحش المسمى بالمؤامرة الشيوعية الدولية (٣). ولكن تركيبة قوي اليمين المتطرف، شنت حرباً علي جبهتين ضد الشيوعية، حيث كانت أولي هاتين الجبهتين ما عرف باسم (المكارثية)، نسبة إلي السيناتور (جوزيف مكارثي)، والذي أذكى شرارة العنف السياسي، ليصل ذروته من خلال مزاعم لا أساس لها من الصحة، حول وجود الحمر، في إشارة إلي الشيوعيين، في كل الوزارات والدوائر الحكومية.

وقد كشف (ويليام سوليفان) عميل


(١) إمبراطورية الشر الجديدة ـ عبد الحي زلوم ـ ص٤٣ أو القدس العربي ٢٧/ ١ـ ٣/ ٢/٢٠٠٣
(٢) الدولة المارقة - دليل إلى الدولة العظمى الوحيدة في العالم - ويليام بلوم - ترجمة كمال السيدـ ص ٢٩
(٣) الدولة المارقة - دليل إلى الدولة العظمى الوحيدة في العالم - ويليام بلوم - ترجمة كمال السيد ـ ص ٤٤

<<  <  ج: ص:  >  >>