للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي صاغ إستراتيجيته الكونية على هذا الأساس .. فكانت حرب الخليج الأولوية الأولي للنظام العالمي الجديد ... وكان العراق إلي جانب بقية دول الخليج المنتجة للنفط أولي الضحايا التي قدّمت لهذا النظام الجديد.

ففي الثالث والعشرين من آب (أغسطس) ١٩٩٠م، أي بعد ثلاثة أسابيع من اجتياح العراق للكويت، استخدم (برنت سكاوكروفت) مستشار الأمن القومي، في عهد الرئيس (جورج بوش) مصطلح النظام العالمي الجديد للمرة الأولي حيث خاطب الصحافيين، قائلاً: "إننا نؤمن بأننا سنقيم أركان النظام العالمي الجديد علي أنقاض العداء الأمريكي ـ السوفييتي الذي كان قائماً". أما رئيسه بوش، فقد خاطب الكونغرس الأمريكي بعد ذلك بعدة أسابيع في ١١ ايلول (سبتمبر) ١٩٩٠ م قائلاً: "لقد ابتدأت شراكة جديدة بين الدول ... إن الأزمة القائمة في الخليج الفارسي، علي خطورتها ودمويتها، تمنحنا فرصة نادرة ... من خضم هذه الأوقات العصيبة ... قد يولد نظام عالمي جديد" (١).

وهنا يبدو الرئيس (بوش) يعيد تكرار أمنية سابقة تمناها الزعيم الصهيوني (إسرائيل زانغويل) في خطاب له في ٢ ديسمبر ١٩١٧م، أي بعد صدور وعد بلفور بشهر واحد، وصف فيه المحاولات البريطانية والأمريكية، الرامية إلى إعادة اليهود إلى أرض فلسطين، بقوله: "سبع حملات صليبية إلى الأرض المقدسة، عادت على اليهود بالمذابح، فهل ستؤدى الصليبية الثامنة إلى استرجاع اليهود لفلسطين؟. وإذا كانت صليبية حقة، فإن تلك الحقيقة بالذات تأتى بمثابة البرهان على النظام الجديد لعالم تسوده المحبة والعدالة". ولم ينسَ (زانغويل) في هذا الخطاب، أن يكمل صورة النظام الجديد الذي توقع ميلاده في ظل الحملة الصليبية الثامنة، حيث أشار إلى ضرورة طرد العرب من أرض فلسطين ليتسنى إحلال اليهود مكانهم، لإقامة الوطن القومي اليهودي. كما تمنى في هذا الخطاب أن يكتمل هذا العمل عن طريق جعل مدينة القدس مقراً لعصبة الأمم، بدلاً من لاهاى المفلسة، ليتسنى جمع الحلمين


(١) إمبراطورية الشر الجديدة ـ عبد الحي زلوم ـ القدس العربي ٢٧/ ١ـ ٣/ ٢/٢٠٠٣م

<<  <  ج: ص:  >  >>