يجب أن لا ننسى المقربين من المؤسسات السياسية الحزبية، التي لها مصلحة في التلاعب بالرأي العام وتوجيه. وحتى الصحافي الموضوعي يواجه عوائق مهنية في تغطية الموضوع الإسلامي، فرؤساء التحرير يبحثون عن خبر، والحديث عن الإسلام المعتدل أو المتنور لا يعد خبراً، ولا يجتذب القارئ" (١).
ثالثاً ـ المستشرقون
رغم أن المفروض بالمستشرقين أن يكونوا أكثر إحاطة من الإعلاميين والسياسيين بحقيقة الإسلام، ومعرفة بمبادئه العادلة السامية، وأصوله السليمة القويمة، وإطلاعاً على حركته السياسية ومظلوميتها في الداخل والخارج، وعدم إتاحة الفرصة لها ـ محلياً وعالمياً ـ لطرح مبادئها وتوجهاتها بشكل هادئ وسليم، فان هؤلاء المستشرقين كانوا ـ إلا قليلاً منهم ـ أكثر الشرائح الغربية مسؤولية عن تشويه صورة الإسلام والشعوب الإسلامية لدى الغربيين، شعوباً وحكومات وأحزاباً، ساسة وقادة وإعلاميين، وعلى عواتق هؤلاء المستشرقين تقع المسؤولية الكبرى في زرع العداء للإسلام لدى الغرب، وفي دفعه لإعلان الحرب عليه، باعتباره العدو الأول.
فهؤلاء بارتدائهم أثواب العلم والموضوعية، وحملهم لواء البحث والتحليل والتمحيص، كانوا أكثر نفوذاً وأبعد أثراً في الرأي العام الغربي، عدا عن أن دراساتهم وبحوثهم وأقوالهم كانت في الغالب هي المواد الرسمية الرئيسة للإعلاميين والسياسيين وسواهم. و قد أفصح المستشرق الأسباني (فرناندو دي أغريدا) رئيس قسم المطبوعات والنشر في معهد التعاون العربي التابع لوزارة الخارجية الأسبانية عن هذه الحقيقة، عندما أشار إلى أن دراسة الأوضاع العربية من قبل المستشرقين كانت تتم في الكثير من الأحيان بهدف تشويهها. ويقول وات في كتابه (ما هو الإسلام؟)، معبراً عن مدى انحياز الدراسات الغربية لجذور أصحابها عبر قوله: "إننا ورثة تحيز راسخ الجذور، يعود إلى الدعاية الحربية للقرون الوسطى، هذه الحقيقة يعترف بها الآن على نطاق واسع، فالدراسات الحديثة تشير إليها ضمن عوامل تكوين النظرة الغربية
(١) الإسلام .. الغرب .. وإمكانية الحوار- ابراهيم محمد جواد - مجلة النبأ - عدد ٣٩ - ٤ - شعبان، رمضان ١٤٢٠