للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينسحب بل يختفي (١)، ومن هنا جاءت نظرية وجوب اختراع عدو بديل، حيث وجد المنظرون الإستراتيجيون في الإسلام ضالتهم، وتم صياغة صورة العدو البديل على المستوى الفكري، كما كان مع نظريتي (نهاية التاريخ) لفوكوياما، و (صدام الحضارات) لهنتينجتون، لان الولايات المتحدة تحتاج لعدو توجه ضده المدافع الاعلاميه والسياسية والعسكرية. فهذه الآلة الضخمة يجب أن تشتغل وتنتج وإلا أصابها التآكل، لا بد لها من عدو يجسد (الشر)، فإذا لم يكن موجوداً يفقد (الخير المفترض) مبرر وجوده. لذلك ولو لم يكن هذا العدو موجوداً لوجب اختراعه، سقوط الاتحاد السوفيتي كاد يحرمها من هذه المعادلة، لكنها سرعان ما أعادت إنتاج مقولة (إمبراطورية الشر) بتعديلها لتصبح (محور الشر). فقد تغيرت التركيبة العالمية، وإن لم تستقر بعد إلا أنها استهدفت إيجاد عدو بديل.

وكانت حرب الخليج التي خاضها بوش الأب بمثابة الإعلان عن ولادة قيام نظام عالمي جديد، وموت النظام العالمي القديم، وبالتالي موت كل التوازنات والاتفاقات، التي كانت ترسم حدود العالم في ذلك الحين. سقط النظام القديم، وسقطت كل الضوابط والكوابح التي كان يقوم عليها.

فإذا صدقنا ما تحدث عنه (هنتنجتون) وأسماه صدام الحضارات، نجد أنه لو اندلعت حرب عالمية ثالثه فستصبح حرباً من نوع جديد هكذا قال (هنتنجتون)، فلن يكون سببها نزاعاً (أوروبياً - أوروبياً) ولكنها ستكون مواجهه بين الحضارات، بين المركز (وهو الغرب)، وبين الأطراف (أو المستعمرات القديمة). بل إن (هنتنجتون) يعطى أيضاً ـ كلاً ـ من المجموعتين صبغة دينيه: إذاً سيكون الصدام بين حضارة (يهودية مسيحية) وأخرى (إسلامية كونفوشيوسيه). فالولايات المتحدة في خطتها للسيطرة على العالم بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، عينت (العدو البديل أو الشيطان) الذي يجب القضاء عليه، وهو الإسلام وحلفاؤه المحتملون، فيما يسمى بالعالم الثالث (٢). ولهذا بدأ البحث في أوائل التسعينيات عن كلمة أخرى غير الإسلام، فبدأ


(١) صناعة الإرهاب ـ د. عبد الغني عماد - ص٩٢.
(٢) أمريكيا طليعة الانحطاط ـ روجيه جارودى ـ ص ٢٥ـ٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>