الفترة الأخيرة، التي من شأن تأكيدها عودة الروح للهوية الوطنية الأميركية. ويعني (هنتنغتون) بهذه التغيرات تحولين أساسيين: أولهما عودة الأميركيين للدين المسيحي، وزيادة دور المسيحية في الحياة العامة الأميركية. وثانيهما الدور الذي يمكن أن يلعبه الإسلام كعدو أساسي جديد لأميركا. ويبشر بأن العودة للمسيحية ـ التي تعد أحد الركائز الأساسية للهوية الأميركية ـ تمثل عاملاً هاماً في دعم الهوية الأميركية ونشرها خلال الفترة الراهنة. كما أن الصحوة الدينية ـ وفقا لتحليل هنتنغتون ـ تصب مباشرة في الدور المساعد الذي يمكن أن يلعبه الدين على الساحة الدولية وخاصة في تعريف عدو أميركا الجديد وهو الإسلام.
وهنا يرى أن عداء أسامة بن لادن لأميركا هو عداء ديني، وأن الأميركيين لا يرون الإسلام على أنه عدو لهم، ولكن الإسلاميين المسلحين، المتدينون منهم والعلمانيون، يرون أميركا وشعبها ودينها وحضارتها أعداء للإسلام. ونتيجة لذلك يرى (هنتنغتون) أن البديل الوحيد للأميركيين هو أن ينظروا لهؤلاء الإسلاميين المسلحين بأسلوب متشابه. ثم يبدأ في وصف نفوذ الإسلاميين المسلحين، ويقول: إنهم كونوا شبكة دولية لها خلايا عبر العالم، هدفها الأساسي هو تدمير الغرب، وإن المسلمين دخلوا في العقود الأخيرة حروبا طالت البروتستانت، والكاثوليك، ومسلمين آخرين، وهندوسا، ويهودا، وبوذيين، وصينيين، وحاربوا في كوسوفا، والبوسنة، والشيشان، وكشمير، وفلسطين، والفلبين. وإن مشاعرهم السلبية تجاه أميركا زادت في التسعينيات. ويضيف أن الشعوب الإسلامية لم تتعاطف مع الأميركيين بعد ١١ سبتمبر، وأن عداوتها لأميركا عميقة، وليست بسبب إسرائيل، فهي مدفونة في الحقد على الثروة الأميركية، والسيطرة الأميركية، والعداء للثقافة الأميركية في شقيها العلماني والديني. وينهي (هنتنغتون) فكرته بتوقع دخول أميركا حروبا مع دول وجماعات مسلمة في السنوات القادمة، مما يرشح الإسلام بشكل واضح للعب دور العدو الأساسي والكبير، الذي يوحد الأميركيين ضده (١).
(١) من نحن؟ تحديات الهوية الوطنية الأميركية: صموئيل هنتنغتون ـ عرض/ علاء بيومي ـ الجزيرة نت ٢ـ٨ـ٢٠٠٤م