في كثير من الأحيان مجرّد انتماء المرء إلى الإسلام، أو إلى المنطقة الحضارية الإسلامية، مبررًا كافيًا لتشمله نظرة العداء الغربي، وعملية التطويع والتوظيف لتطبيق الأهداف الثابتة لشعار (العدو البديل). ومما يدل على ذلك ـ على المستوى السياسي ـ أن السلطات الأمريكية ـ التي تتقن توزيع الأدوار بين الحكومة ومجلسي الشيوخ والنواب، وأجهزة المخابرات، ووسائل الإعلام ـ لا تتردد عن كيل الاتهامات لدول شاع وصفها بالدول المعتدلة، رغم علاقاتها الوثيقة مع واشنطن، كالسعودية ومصر. كما نجد على المستوى الإعلامي، عشرات الأمثلة للخلط بين الحكومات والمنظمات والعلماء وعامة الشعوب، كلما أراد أحد الإعلاميين الأمريكيين التدليل على أن الإرهاب في المنطقة الإسلامية منتشر، وأنّ له جذوره في الإسلام نفسه، مما يساعد في نمو كثير من الأفكار النمطية عن الإسلام حتى في مبنى الكابيتول (١).
ففي عام ١٩٩٠م ربط (دان كويل) نائب الرئيس الأمريكي في خطاب له أمام تلاميذ أكاديمية أنابولس التجربة الأصولية الإسلامية بالنازية والشيوعية، وأعلن (باب بوكانان) أي المرشح الجمهوري اليميني في الحملة الرئاسية عام ١٩٩٢م: "طيلة ألف عام دار الصراع حول مصير البشرية بين المسيحية والإسلام وقد يكون الأمر كذلك ثانية في القرن الحادي والعشرين، لأنه في الوقت الذي يذلنا فيه الشيعة، يملآ إخوانهم في الدين بلدان الغرب. فمنذ الأسر الإيراني للعاملين الدبلوماسيين الأمريكيين في عام ١٩٧٩م وعبر احتجاز الأمريكيين رهائناً في لبنان، إلى نسف مركز التجارة العالمية في نيويورك في ١٩٩٣م بدا أن الخطر يزداد قرباً، وقدم فيلم وثائقي تلفزيوني عرض في ديسمبر ١٩٩٤م بعنوان الجهاد في أمريكا صورة درامية للنزعة الإسلامية، وهي تضرب مباشرة في الولايات المتحدة الأمريكية، وبلغ من قوة هذا القلق أنه حين انفجرت قنبلة خارج مبنى حكومي في مدينة أوكلاهوما وقتلت المئات، كانت الاستجابة المباشرة لكثير من معلقي وسائل الإعلام وللشرطة هي أن الانفجار من فعل إرهابي الشرق الأوسط، وجرى البحث عن رجال ذوي تقاطيع شرق أوسطية، وتحدث خبراء الإرهاب في التلفزيون، وصدرت
(١) الإسلام عدو بديل - نبيل شبيب ـ إسلام أون لاين ١٢/ ٠١/٢٠٠١م