للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المفاهيم تؤثر سلباً في اللغة الدينية السائدة في ذلك الوقت، وشعر البيوريتانيون بأن دولة الفضيلة التي عملوا على تأسيسها، تدخل مرحلة الانحدار، فجاء تأسيس الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه الرئيس الحالي (جورج بوش) عام ١٨٥٤م معيداً الخطاب الديني البيوريتانى إلى الوجود، ومعيداً الأمل البيوريتاني إلى الوجود. فالتف اليمين البروتستانتى حول هذا الحزب الجديد بقوة على اعتبار أن برنامجه السياسي، الذي تطغى عليه القيم الدينية ينسجم مع طموحاتهم ببناء أمريكا المسيحية، حيث يمثل الحزب الجديد القيم المسيحية البيوريتانية الحقيقية، (المبادئ المسيحية اليهودية)، والذي سوف يعمل على تحقيق النبوءة التوراتية بإقامة مملكة الرب (يهوه) (١). وفي أواخر السبعينات والثمانينات من القرن الماضي حدث تحول يثير الاهتمام بوجه خاص، ألا وهو العلاقة الوثيقة المتزايدة بين اليمين المسيحي الجديد والحزب الجمهوري، حيث لم تبدأ هذه الصلة في أواخر السبعينات. فالعلاقة بين (بيلي جراهام) (ودوايت أيزنهاور) شيء معروف، مثله كمثل صلوات الإفطار في البيت البيض الأبيض أثناء فترة رئاسة نيكسون، ثم وصلت العلاقة إلى آفاق جديدة مع ترشيح (ريجان) ثم فترة رئاسته (٢).

إن هذه الخلفية المتطرفة للحزب الجمهورى، ربما توضح سبب تطرف (بوش الابن) وتعصبه ليس فقط تجاه العرب والمسلمين، بل تجاه المسيحيين الكاثوليك، حيث ـ معروف عنه ـ علاقاته الحميمة بالتيار الأصولي المسيحي المتطرف في أمريكيا، وبأكثر زعماء هذا التيار تطرفاً، أمثال (جون ايفانس)، وغيرهم، والذين يعتقدون أن الاتحاد الأوروبي ـ وبالذات دوله الكاثوليكية ـ هم من قوى الشر، التي ستحارب أمريكيا في المستقبل، ويسمون دولها العشر بالوحش الذي ورد ذكره في نبوءات التوراة (٣). ولهذا لم يكن مستغرباً أن يرتبط بوش بعلاقات حميمة مع أكبر جامعة أصولية متطرفة، وهى جامعة (بوب جونز) الانفصالية المتشددة التي أسسها القس الأصولي المتشدد (بوب جونز) (٤)، والتي تناصر الآراء المضادة للكاثوليكية،


(١) أساطير في ثوب ديني وتحالف استراتيجي - رضا محمد حرب - الخليج العدد ٨٦٧٤
(٢) الدين والسياسة في الولايات المتحدة - ج١ـ مايكل كوربت ـ جوليا ميشتل كوربت ص١٥٥
(٣) يد الله - جريس هالسيل - ٣٥
(٤) الدين والثقافة الأمريكية - جورج مارسدن - ترجمة صادق عودة - ص٢٣١

<<  <  ج: ص:  >  >>