ممارسة حياة طبيعية وسيتم تطبيق حلم هرتصل ومؤسسي الدولة عام ١٩٤٨ في نهاية المطاف.
إنها رؤية جريئة وقد يقول البعض إنها لن تكون أبداً قابلة للتحقيق. ولكن فكِّروا بما كنا قد شهدناه في عصرنا: عندما كادت أوروبا تقضي على نفسها في حرب شمولية وعمليات إبادة للشعوب كان من الصعوبة بمكان تصور قارة تنعم بعد مضي ستة عقود بالحرية والسلام؛ عندما قام طيارون يابانيون [خلال الحرب العالمية الثانية] بمهمات انتحارية تستهدف السفن الحربية الأميركية كان من المستحيل أن نتصور تحوّل اليابان بعد ستة عقود إلى نظام ديمقراطي ودعامة رئيسية للأمن في آسيا وأحد أقرب أصدقاء الولايات المتحدة؛ وعندما وصلت موجات من اللاجئين المعدمين إلى هنا حيث توجد صحراء محاطة بجيوش معادية كان من شبه المستحيل تصور تنامي إسرائيل وتحولها إلى إحدى الدول الأكبر نجاحاً وحرية على وجه البسيطة.
غير أن جميع هذه التحولات قد حدثت بالفعل. ولذلك من الممكن إحداث تحول مستقبلي في الشرق الأوسط ما دام الجيل الجديد من القيادات يملك الجرأة على دحر أعداء الحرية والإقدام على القرارات الصعبة المطلوبة لإحلال السلام والاستناد بحزم على صخرة القيم العالمية المتينة.
قبل ستين عاماً، عشية استقلال إسرائيل، توقفت عند عمارة في الحي اليهودي من البلدة القديمة في أورشليم القدس مجموعة من آخر الجنود البريطانيين لدى مغادرتهم المدينة. وطرق أحد الضباط الباب وقابل أحد الحاخامات الكبار. وقد أهدى الضابط إليه قطعة حديدية قصيرة - مفتاح باب صهيون - قائلاً إنها المرة الأولى منذ ثمانية عشر قرناً حيث يملك يهودي أحد مفاتيح أبواب أورشليم القدس. وعندها دعا الحاخام رب العالمين شاكراً إياه على أنه "بعث فينا روح الحياة وسمح لنا بالوصول إلى هذا اليوم"، ثم استدار نحو الضابط ولفظ الكلمات التي طالما انتظرها اليهود:"إنني أتقبل هذا المفتاح باسم أبناء شعبي".