"الحرب غير المتوازنة، هي محاولة طرف يعادي الولايات المتحدة أن يلتف من حول قوتها، ويستغل نقط ضعفها معتمداً في ذلك على وسائل تختلف بطريقة كاملة عن نوع العمليات التي يمكن توقعها. وعدم التوازن يعني أن يستغل العدو طاقة الحرب النفسية، وما يصاحبها من شحنات الصدمة والعجز، لكي ينتزع في يده زمام المبادرة وحرية الحركة والإرادة، وبأسلوب يستخدم وسائل مستحدثه وتكتيكات غير تقليدية، وأسلحة وتكنولوجيات جرى التوصل إليها بالتفكير في غير المتوقع، وغير المعقول، ثم تطبيقه على كل مستويات الحرب من الإستراتيجية، إلى التخطيط، إلى العمليات، بعرض أفق عليه بدائل طار إليها خيال لا يخطر على البال منطقياً ولا يطرح نفسه عملياً في التقديرات التي نستطيع تصورها. وكان ما توقعه رئيس هيئة أركان الحرب المشتركة للقوات الأمريكية المسلحة الجنرال (هنري شيلتون) هو بالضبط ما وقع ١١ سبتمبر الأخير (١).
فالسيناريو جاهز ليس فقط لدى وزارة الدفاع، التي يمثلها المتطرف رامسفيلد، بل إن وزارة الخارجية كان لديها المعرفة بهذا المخطط، هذا بالرغم من أن البعض يحاول جاهداً تقسيم الإدارة الأمريكية إلى صقور وحمائم، واضعاً الجنرال (باول) في صف الحمائم، ومتناسين عن عمد وسبق إصرار، جرائمه في العراق أثناء حرب الخليج الثانية. ففي منتصف يوليو ٢٠٠١م، لجأ الوفد الأمريكي إلى المفاوضات المتعددة الأطراف حول مستقبل أفغانستان، إلى التهديد بعد أن تأكد له فشل هذه المفاوضات، وحسب ما أورده سفير باكستان السابق في باريس، (نيازنايك)، والذي شارك في تلك المفاوضات، فإن الأمريكيين أعلنوا أنهم سيحتلون أفغانستان في منتصف أكتوبر وأنهم سوف يقلبون نظام طالبان. وفي بداية سبتمبر ٢٠٠١م وتحت غطاء المناورات السنوية في بحر عمان، عمدت بريطانيا إلى القيام بأكبر انتشار لأسطولها وحشدت قواتها مقابل السواحل الباكستانية، في حين نقل حلف الأطلسي، بمناسبة مناورات النجم الساطع التي أجراها في مصر، أربعين ألف جندي إلى منطقة النزاع. وهكذا فان القوات الأنجلو أمريكية، كانت قد اتخذت مواقعها في المنطقة، قبل الاعتداءات.
(١) من نيويورك إلى كابول- محمد حسنين هيكل ص ١١٤ - ١١٥.