فالولايات المتحدة لا تملك وكالة استخبارات واحدة، بل إنها تقوم علي عدة وكالات للمخابرات تعمل علي المستويين المحلي والدولي، وتربطها أنظمة تعاون وتنسيق غاية في التعقيد، أثبتت كلها نجاعتها. ومن بين هذه الوكالات نذكر: وكالة المخابرات المركزية، وكالة استخبارات وزارة الدفاع، واستخبارات الجيش، واستخبارات البحرية، وخدمات استخبارات سلاح الجو، ووكالة الاستخبارات التابعة لوزارة الخارجية، وهو مكتب الاستخبارات والبحث، واستخبارات مفوضية الطاقة الذرية، ومكتب التحقيقات الفيدرالي، وأخيراً وليس آخراً، وكالة الأمن القومي، وهي كبري وكالات الاستخبارات الأمريكية علي الإطلاق.
وتعمل وكالة الأمن القومي NSA بمراقبة كل الاتصالات الخاصة والحكومية في العالم، من خلال تقنيات عالية التطور والتعقيد، حيث تعتبر الذراع الالكتروني الذي يسترق السمع علي العالم لحساب الاستخبارات الأمريكية. وقد قامت هذه الاستخبارات بتحذير كلينتون من أن سفارة دولة أجنبية، معينة كانت تتنصت علي مكالماته الهاتفية مع مونيكا لوينسكي، ممّا دفعه إلي الكف عن تلك المكالمات. وعندما أنكر الاتحاد السوفييتي أنه قام بإعطاء الأوامر لإسقاط الطائرة الكورية المدنية، التي كانت تحلق فوق منطقة روسية، قامت وكالة الأمن القومي NSA بعرض الشريط الصوتي الكامل، الذي يحتوي الاتصالات التي دارت بين قائد طائرة الميغ MiG الروسية، وبين محطة القيادة الأرضية، حيث كانت محطة القيادة تعطي أوامرها للطيار بإطلاق النار علي الطائرة المدنية الكورية وإسقاطها.
وحتى في المراحل الأولي من عصر التقاط الصور بالأقمار الصناعية، كان بإمكان وكالة الأمن القومي أن تحصي الدبابات السوفييتية عدداً، ومن خلال تقنية الصور الأولية كان بمقدورهم أن يحددوا جاهزية تلك الآليات للعمل. وتمتلك وكالة الأمن القومي، سفن تجسس في المحيطات، وأقماراً صناعية وطائرات أواكس تجوب أرجاء السماء علي مدار الساعة، مغطية كل أنحاء العالم. ويتم اعتراض كل حركات الاتصال من الولايات المتحدة وإليها، كما تصنّف الرسائل التي يتم اعتراضها، ومن ثم تُوجّه لمن هم معنيون بها. وفي مقر وكالة المخابرات المركزية CIA، ثبت جهاز المقارن علي لوح من الغرانيت يزن ٧ أطنان ليجعل آلية عمله الحساسة بمعزل عن