للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المثالية الخلقية، مما يستدعى تصحيح العهد، فيرسل لهم مسيحاً ليخلصهم من الشتات، ويعيدهم إلى الأرض المقدسة" (١).

وعقيدة المسيح المنتظر أو (النزعة المسيحانية) (٢) لدى اليهود بدأت بالتكوين منذ بداية زوال (دولة) اليهود التي كانت قائمه في فلسطين، أي منذ هدم الهيكل الثاني ثم الهزيمة الكبرى التي لحقت باليهود في باركوخبا عام ١٣٢م. فمنذ ذلك الحين، فيما يروى مؤرخو اليهود ظهر الاعتقاد بمجيء (المسيح) الذي سوف يخلص بني إسرائيل من المنفى، ويعيد إليهم مجدهم التليد. "حيث اتخذ هذا الأمل المسيحاني شكل أمل مزدوج: أمل مزدوج في العودة إلى العصر الذهبي لليهود، وأمل في قيام عالم أفضل، مختلف كل الاختلاف عن عالمنا، وهذا الخلاص المسيحاني لن يحدث إلا عند نهاية الزمن. والتعجيل بمعجزة مجيء العصر المسيحاني لا يمكن أن يأتي إلا من الله، وما على الإنسان إلا أن يصلي لله ويحسن عمله أملا في ألا يتأخر الخلاص وكل محاولة للعودة إلى أرض إسرائيل قبل ظهور الإشارات الإلهية، كفر وهرطقة وثورة ضد الإله وعودة اليهود إلى أرض آبائهم شأن من اختصاص الإله وحده، ولا تتم بقرار من بنى البشر" (٣).

كانت هذه هي النظرة التي حكمت تفكير اليهود منذ تدمير الهيكل للمرة الثانية وحتى بداية القرن التاسع عشر، حيث التزموا بهذه الرؤية الدينية طوال هذه الفترة، ولم يبذلوا أي جهد في سبيل العودة إلى فلسطين، وظلوا ينتظرون المسيح المنتظر لكي يخلصهم ويعيدهم إلى فلسطين بمعجزه إلهية، "حيث ملأت قصص المسيح المنتظر كثير من الثرات اليهودي القديم والحديث وكثيراً ما كانت سبباً في نزول بلايا ورزايا كثيرة باليهود في ادوار مختلفة ولا تزال هذه العقيدة إلى اليوم راسخة في نفوس الطبقات المتدينة من اليهود. واذا قام شخص وادعى انه المسيح المنتظر


(١) فلسطين، القضية، الشعب، الحضارة ـ بيان نويهض الحوت ص ٣٢٧
(٢) يشير الفكر المشيحاني إلى أن هناك شخصا مرسلا من الآلهة يتمتع بقداسة خاصة، إنسان سماوي، وكائن معجز خلقته الآلهة قبل الدهور، يبقى في السماء حتى تحين ساعة إرساله، وهو نقطة الحلول الإلهي المكثف الكامل في إنسان فرد، وسيأتي ليعدل مسار التاريخ اليهودي؛ بل والبشرى فينهي عذاب اليهود ويأتيهم بالخلاص. راجع دفاع عن الإنسان ـ د. عبد الوهاب المسيري
(٣) صراع اليهودية مع القومية الصهيونية - د. عبد الله عبد الدائم - ص ٢٥ - دار الطليعة, ٢٠٠٠

<<  <  ج: ص:  >  >>