للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال (جراهام): "إن هذا المكان هو الذي ابتدأ فيه التاريخ وان الكتاب المقدس يعلمنا أن التاريخ سينتهي من حيث ابتدأ. ويبدو أن (بوش الابن) ينتمي إلى نفس المدرسة الفكرية التي ينتمي إليها أبوه، فهذه المدرسة تخلط بين الحقائق الدينية والأحداث السياسية، وتخرج باستنتاجات حول نهاية العالم ومجيء المسيح ثانية. وهذه المدرسة عندما تفسر نبوءات الكتاب المقدس لا تطبق مبادئ علم النفس فلا تراعي النص الأصلي، ولا تاريخه، ولا ظروف كتابته، ولا القرائن المختلفة للنص. كذلك لا تركز هذه الجماعات على التفسير التاريخي للنبوءة بل تعطيها بعداً مستقبلياً وتربطها بالأحداث السياسية المعاصرة. الأمر الذي يشبع الفضول البشري، لذلك فإن بوش عندما يقرأ سفر اشعياء ويفسره بما يتماشى مع أهوائه وأغراضه السياسية يرى في نفسه أنه متمم هذه النبوءات، وأنه مبعوث العناية الإلهية، وأنه بتدميره العراق إنما ينفذ مهمة إلهية مقدسة" (١).

مما تقدم يتضح أن بوش يعتبر نفسه موضوعاً على جدول أعمال الله، وبالتالي فكل ما يفعله ـ بما في ذلك الحرب على العراق ـ يعتبر تجسيداً لمشيئة العناية الإلهية وإرادتها .. كما يقول (جيم كودي) المبشر البروتستانتي البارز. يقول (سانت بوش) في خطاب الأمة في ٢٩ يناير عام ٢٠٠٣م: "الحرية التي نناضل من أجلها ليست هدية أمريكا إلي العالم، بل هي هدية الرب إلى البشرية". وهنا هل يمكن لعاقل أن يرى بالعبارة التي وردت علي لسان (السانت)، وهي الحروب الصليبية مجرد زلة لسان؟ خصوصاً إذا تذكرنا ما قاله بالحرف الواحد في خطاب ألقاه في حفل تخريج في أكاديمية (ويست بوينت) العسكرية: "بعد الآن ستسمى أمريكا الشر باسمه". وأول ما يمكن استخلاصه من هذه الجملة هو أن أمريكا هي الخير الخالص، والنور المحض مادامت تقع علي النقيض التام من الشر غير المسمى بعد! " (٢).

لقد أعلن (جورج بوش الصغير) أن العالم بات مقسوماً بين الخير والشر وبين المؤمنين والكفار، والمؤمنون هم أولئك الذين يرتضون القيم الأمريكية للرأسمالية


(١) مجلة روز اليوسف ١٢ـ٤ـ٢٠٠٣ القس/ رفعت فكرى سعيد راعى الكنيسة الإنجيلية بأرض شريف ـ شبرا مصر
(٢) أفق آخر خيري منصور ـ سانت بوش ـ الخليج ـ ١٠ـ٣ـ٢٠٠٣ م ـ عدد ٨٦٩٥

<<  <  ج: ص:  >  >>