للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صحفية للموضوع مبعثرة وملتوية، وتصور المعارضة للحرب على أنها مجرد مشكلة تسويقية بالنسبة لواشنطن (١).

وحتى قوى المعارضة في هذه الدول لم تكن فعاله بالدرجة المطلوبة، فالمعارضة الرئيسة للحرب قادتها قوى شعبية وليست أحزاب. فالحزب الديمقراطي، مع بعض الاستثناءات، انضوى تحت جناح الرئيس في عرض جبان لوطنية زائفة. فعندما تلقي نظرة على الكونجرس تلمس دلائل اللوبي الصهيوني أو اليمين المسيحي أو التجمع العسكري - الصناعي ثلاث أقليات متطرفة بالغة النفوذ، يجمع بينها العداء للعالم العربي وقناعة خرقاء بأنهم من أنصار الملائكة. كما تحول الإعلام إلى مجرد جناح لبذل الجهود التي تتطلبها الحرب. وبتنا لا نسمع في أي من المحطات صوت المعارضة أو حتى ما شابه المعارضة. فوظفت كل محطة كبرى الجنرالات المتقاعدين وعملاء الاستخبارات المركزية الأمريكيين السابقين، وخبراء الإرهاب، ومحافظين حديثي العهد (مستشارين) يتقنون اللهجة المقززة, التي صممت كآلية موثوق بها، لينتهي بها الأمر إلى تأييد كل ما تقوم به الولايات المتحدة، من مجلس الأمن حتى المنطقة العربية. فنحن لا نقرأ أية مقالة معارضة ولا نسمع صوت أي من المعارضين في وسائل الإعلام الكبرى في هذا البلد ... وعندما تذكر هذه المؤسسات خرق العراق لسبعة عشر قراراً لمجلس الأمن كذريعة للحرب، لا نجدها تذكر قط القرارات الأربعة والستين التي ضربت بها إسرائيل عرض الحائط بدعم من الولايات المتحدة، ناهيك عن مآسي الشعب العراقي خلال السنوات الإثنتي عشر المنصرمة ... ويجعل هذا الواقع من التوبيخ الذي يوجهه بوش وأمثاله إلى الأمم المتحدة بضرورة تقيدها بقراراتها أمراً مضحكاً للغاية.

وهكذا نشهد نية متعمدة على خداع الشعب الأمريكي، فقد شوهت مصالحه وبترت من عقالها، وطمست الأغراض الحقيقية لحرب (بوش الابن) الخاصة طمساً يلامس حد الغطرسة. فزمرة المتغطرسين أمثال (وولفويتز) ومساعديه المدعوين للإدلاء بشهادتهم دعماً للحرب من نتائج وتكاليف أمام الكونجرس المخدر, في


(١) الهيمنة أم البقاء .. السعي الأميركي للسيطرة على العالم ـ نعوم تشومسكي ـترجمة سامي الكعكي ـ بقلم/ إبراهيم غرايبة٢٩/ ٧/٢٠٠٤م

<<  <  ج: ص:  >  >>