(التحريض) , أو (التعاطف مع الإرهاب) بغض النظر عن (تعريفه)، أو (تشجيع العمليات الإستشهادية) بغض النظر عن المعتقدات الدينية وحريتها، إن "دفع أموال الزكاة لجماعات إسلامية " قد تصبح "إرهابية" في المستقبل, أو "لأسر الشهداء" وبغض النظر عن أنها أحد مصارفها الشرعية. والحبل - كما يقولون - على الجرار. ففي كل الأحوال، ليس مهماً "توصيف التهمة" أو الاتفاق على أنها كذلك. كما أنه ليس مهماً - أيضا - تحديد من يملك صلاحية الاتهام. المهم هو إيجاد حالة من الإرهاب الفكري تصبح كفيلة بحماية منظومة القيم الجديدة في زمن يمسكون بعقاربه كما يتصورون. نتذكر كيف نجحوا يوماً في إسكات (روجيه جارودي)، لأنه تساءل؟! ونعرف أنه في وسط سحابات الأكاذيب تغيب الحقيقة. وتحت غيوم الأباطيل يكون طبيعياً أن ينزلق الجميع في أوحالها، فلا تبقى ثوابت ولا تستقر بديهيات.
نستعرض عناوين الصحف وتصريحات المسؤولين فنستخلص أنه في الزمن الأمريكي ومع بداية القرن الحادي والعشرين ما عاد شيء بديهياً، فالذين يقاومون المحتل، إن في الفالوجة أو خانيونس "إرهابيون" بعد نصف قرن من الأوسمة والنياشين, وأوصاف البطولة لأولئك الذين قاوموا المحتل النازي مثلاً في أوروبا. والأمريكيون المبشرون بالديمقراطية, والحداثة يقولون:" إنهم لن يسمحوا بأن يحكم الإسلاميون العراق "حتى وإن كان ذلك عن طريق انتخابات حرة". ومجلس العراقيين يعتبر أن يوم سقوط عاصمتهم هو يوم عيدهم الوطني الوحيد.
عشر سنوات من الكذب والتحدي
في ١٢ سبتمبر ٢٠٠٢ م وقف (جورج دبليو بوش) أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة مدشناً حملته التمهيدية لترويج الحرب، وليلقي تقريره الشهير الذي حمل عنواناً دعائياً:(عشر سنوات من الكذب والتحدي). يومها انصب التقرير كله على اتهام العراقيين (بالكذب). وكانت أدلة الاتهام الرئيسة كما يلي: العراق يقيم علاقات وثيقة مع القاعدة ... العراق يهدد أمن الولايات المتحدة والعالم .... العراق يملك أسلحة دمار شامل. اليوم بعد الحرب وآلاف الضحايا, وبلايين الدولات يتضح أن لا دليل أبداً على ذرائع الاتهام الثلاث. ويصبح السؤال: من الذي كان حقيقة يكذب؟!. نعرف أن السيف سبق العذل. ونعرف أن العراقيين الضحايا في الحرب وبدونها، والذين يعيشون الآن حالة من الزئبقية السياسية غير مسبوقة لم يعد يهمهم لماذا