للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لان خلاص بنى إسرائيل لا يمكن تصور حدوثه بواسطة معجزة "فالرب لن ينزل لقيادة شعبه، وهو لن يرسل المسيح من السماء لينفخ النفير ويجمع اليهود المشتتين للتوجه إلى أورشليم" (١) ... "فالناس البلهاء فقط، يمكن أن يصدقوا هراء كهذا. أما العقلاء فيعرفون أن الخلاص لا يكون إلا بالتدريج، وهو فوق كل شيء لن يكون إلا نتيجة جهود اليهود أنفسهم. وإذا كانت القدرة الإلهية ستقوم بمعجزة، فأي مغفل لا يكون مستعداً، عندئذ، للذهاب إلى فلسطين؟ إما أن يتخلى المرء عن بيته وماله من أجل المسيح المنتظر، فذاك هو الامتحان الحقيقي، وذاك هو التحدي" (٢).

تم نشر كاليشر أفكاره سنة ١٨٤٣م في كتاب من جزأين بعنوان (عقيدة صادقة) ثم أكمل تصوره في مجلد أخير نشره سنة ١٨٦٢م بعنوان (البحث عن صهيون) وهو أكثر كتبه شهرة. ومن أهم الأفكار التي جاء بها كاليشر: "إن خلاص اليهود كما تنبأ الأنبياء به، يمكن أن يتم بوسائل طبيعية، أي بمجهود اليهود أنفسهم، من دون أن يتطلب ذلك مجيء المسيح، وإن الاستيطان في فلسطين يجب أن يتم من دون تأخير. ولهذا فإن كاليشر دعا اليهود إلى الاستيطان في فلسطين، حيث قال: "إن الخلاص يحتاج إلى النشاط الاستيطاني وإلى الاستعمار العملي في فلسطين بدلاً من المعجزة الإلهية" (٣).

ونتيجة لهذه الآراء اتهم كاليشر بالهرطقة وقوبلت آراؤه، كما قوبلت آراء الكعى المماثلة، بعدم التجاوب من قبل اليهود، إن لم يكن بالبرود، وذلك بسبب دعوتهما إلى الإسراع في النهاية، وعدم انتظار المعجزة الإلهية، مما جعل اليهودية الأرثوذكسية تناصبهما العداء. كما أن (ليون بنسكر) ـ أحد قادة الحركة الصهيونية ـ "كان على غرار كاليشر وهس، يرفض الاعتماد على الإيمان الغيبي بالمسيح المنتظر، و وضع اللوم على الإيمان الغيبي بجعل اليهود يتخلفون عن الاهتمام


(١) أزمة الفكر الصهيوني ـ د. محمد ربيع ص٢٣.
(٢) فلسطين، القضية ـ الشعب ـ الحضارة ـ بيان نويهض الحوت ـ ص ٣١٤
(٣) الأرض في الفكر الاجتماعي الصهيوني - كمال الخالدي ص٨

<<  <  ج: ص:  >  >>