للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وراء الشهوة الإمبريالية الإمبراطورية؟ , وعمل على جعل ما هو خارج عن نطاق التصور وكأنه أمر عادي، أمر عادي أن يدمر بلد وتنتهك سيادته, ويحتل دون قرار من مجلس الأمن, ويتم ذلك كله ضد رأي الغالبية الكاسحة من العالم. في خضم ذلك التمدد الإمبريالي يغدو تصنيع الرأي العام في البلدين, وفي العالم, وتهيئته للحرب, وتسويق مسوغاتها أمراً حيوياً. ولتحقيقه كانت المؤسسة الرسمية قد عمدت إلى ممارسة الكذب الصريح, وتشويه الحقائق عن طريق تضخيم صغيرها, وإغفال كبيرها, وأحياناً تخليق جديدها من الصفر. والتساؤل الذي يتوقف عنده (بلجر) وغيره كثيرون, هو إلى أي مدى يمكن للرأي العام في الغرب أن يمرر عمليات التسويغ تلك, ويقبل إغلاق ملف الحرب بالسرعة التي يأملها السياسيون (١).

الإعلام وإستراتيجية الحرب: في معمعمة عملية الحرب, احتل الإعلام موقع القلب, وكان أن نظر له باعتباره رديفا إستراتيجياً لا يمكن التعامل معه بخفة. لم يتم الاعتراف بمركزيته فقط في دعم المجهود الحربي, بل اعتبر جزءاً لا يتجزأ وأساسياً من ذلك المجهود. لذلك فإن محاكمات أداء ذلك الإعلام التي أعقبت قيام الحرب وانتهاء مرحلتها العسكرية المباشرة, توازت ـ ولا تزال تتوازى ـ مع المحاكمات التي تقام لإعادة النظر والتشكيك في الحرب نفسها, وبناء على الاعتبارات والذرائع التي شنت بسببها. لكن الانطباعات العامة التي ترددت في معظم بقاع العالم كانت تحوم حول اتهام مركزي موجه إلى الإعلام الغربي, أو بدقة أكثر الإعلام الأميركي والبريطاني والمتلفز منه على وجه التحديد, مفاده أن هذا الإعلام انحاز بتياراته الرئيسة إلى منطق الحرب, ولم يسأل القائمين عليها كما هي أصل مهمته: (المساءلة والتشكيك). بل عوض ذلك ضحى بالمهنية والموضوعية, داس على كل المدارس الإعلامية التي كان ريادياً في تكريسها في حقل الإعلام, وتمترس في خندق الحكومات.

كسر الاحتكار الإعلامي: في التغطية الإعلامية للحرب واستكمالا لفرادة تلك الحرب, اخترع البنتاغون فكرة (الصحفيين المرافقين) , الذي رافقوا وحدات الجيش,


(١) اكذب عليّ: البروباغاندا والتشويه الإعلامي في الحرب على العراق تحرير: ديفد ميلر-الناشر: فيرسو, لندن-ط١ ٢٠٠٤ - عرض/ كامبردج بوك ريفيوز ٤/ ٣/٢٠٠٤م الجزيرة نت

<<  <  ج: ص:  >  >>