النازية والصهيونية والعبرانية الانجلوسكسونية استعانت في صناعة فرائسها بمنطق واحد، يتجدر ويستمد كل أخلاقه من لاهوت الاستعمار العبراني.
ولما كانت فكرة قيام أمريكا وهي (استبدال شعب بشعب وثقافة بثقافة) عبر السطو المسلح وبمبررات غير طبيعية، هي نفسها فكرة (إسرائيل التاريخية)، التي أوحت إلى أمريكا بأن هناك قدراً خاصاً بها. فإنه يمكن ملاحظة مثل تلك المبررات من خلال تصريحات (بوش) والمسئولين الأمريكيين إبان غزو العراق، وإلغاء دور الأمم المتحدة وإعطاء الصبغة الشرعية لأمريكا من وجهة نظر مسئوليها كمبررات (السلام العالمي ـ الأمن الوقائي ـ الإرهاب الدولي أسلحة الدمار الشامل- رخاء شعب العراق أو شعوب المنطقة وديمقراطيتها). فكل هذه المبررات بحسب الظاهر لاحتلال وغزو منطقة بتاريخها، والسيطرة عليها وعلى ثرواتها، حسب الاعتقاد الأمريكي هو قدر خاص بأمريكا، وبمشيئة الرب، (ولها) جذور تاريخية واعتقاد راسخ يضرب جذورا عميقة في الذاكرة الأمريكية. وهو واضح أيضا في معظم المناسبات الدينية والوطنية، وكل خطابات التدشين التي يلقيها الرؤساء الأمريكيون، الذين يصرحون بعبارات منها: أن إرادة الله ـ القدر ـ حتمية التاريخ .. الخ، قد اختارت الأمة الأمريكية (ألانجلوسكسونية المتفوقة) وأعطاها التاريخ دور المخلص في حق تقرير الحياة والموت والسعادة والشقاء لسكان العالم، ومن هذه العبارة القدرية أجريت الجراحة التجميلية المزيفة للمعنى الإسرائيلي لأمريكا وفكرة الاختيار والتفضل الإلهي (١).
وبناء على ما تقدم فإننا لا يجب أن نندهش حين يرحب الأمريكيون بالمجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال حالياً على أرض فلسطين، فهذا النعل من ذاك الحذاء. يجب أن لا نندهش وان نعلم أن الأمريكيين يربطون ربطاً لازماً بين مصير الهنود الحمر ومصير الفلسطينيين. يقول (وليم فوكسويل) في كتابه (التوحيد وتطوره، من العصر الحجرى إلى المسيحية): "ان فيلسوف التاريخ وهو القاضي النزيه، يرى على الاغلب ان من الضروري زوال شعب متخلف، ليخلى مكانه لشعب آخر ذي ملكات متفوقة ... فقد يؤدى الاختلاط بين العروق البشرية إلى نتائج مدمرة". وهذا ما اتاح لصاحبنا ان يخلص فيما يخص الكنعانيين إلى ما يلى: "كان من حسن حظ التوحيد
(١) عودة المسيح المنتظر لحرب العراق بين النبوءة والسياسة -احمد حجازي السقا ص ١٢ـ١٣