للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ـ إن تنافس بني البشر في ميادين الثروة، كتنافس الحيوان في جمع الغذاء، ولذلك لا داعي للفقراء أن يلوموا الأغنياء، وإنما هم مسئولون عن عجزهم عن التكيف والنجاح في ميدان الصراع، لأن الحقيقة الأولى في الحياة هي الصراع من أجل البقاء، وأعظم مظاهر هذا الصراع هو توفير رأس المال والثروة.

٣ـ إن أصحاب الملايين هم حصيلة الانتقاء الطبيعي، الذي يعمل في المجموعة البشرية كلها لانتقاء أولئك الذين لديهم قدرات الإنجاز (١).

وبالرغم من ما أحدثه الإيمان بهذه الأفكار، من تفاوت متزايد في الثروات وبالتالي في السلطات، داخل أمريكا، والذي كان أحد أسباب ظهور الطبقية، وتجمع الثروة في أيدي حفنة قليلة من الأفراد، أفقرت الآخرين ثقافياً ومادياً، الا ان الأمريكيون الأصوليين يعتقدون أن ما تتمتع به أمريكا من رخاء وثراء وتفوق دليلاً لا يدحض على أن الله ذاته يوافق الأمريكيين على إيمانهم بأنهم هم العالم، وأنهم المكلفون بتنفيذ مشيئته والقيام بعمله على الأرض، ويكافئهم على ذلك بالرخاء والثراء والقوة (٢). فالرئيس المؤمن (رونالد ريجان) أعلن، أن ثراء ورخاء الولايات المتحدة يرجع إلى كونها (أمة مباركة من الله)، ولكن أحد رجال الدين الأسبان تجرأ على استهجان ما قاله (ريجان) واصفاً إياه بأنه (تجديف وهرطقة)، لأن ثروة وقوة الولايات المتحدة لا تأتي من مباركة الله، ولكنها ترجع إلى استغلال العالم وبخاصة العالم الثالث، عبر التبادلات غير المتوازنة وغير المتعادلة، وفرض استيراد المنتجات الأمريكية بالقوة وغزو رؤوس الأموال الأمريكية للدول التي تنخفض بها المرتبات، وعبر الفوائد الاستغلالية للقروض (٣).

وهكذا أوجد الإيمان بهذه الأفكار تبايناً صارخاً في الثروات، جعلت واحداً في المئة فقط من الشعب الأمريكي يهيمنون علي ثروات تزيد أضعاف المرات علي ما يمتلكه ثمانون في المئة من الشعب مجتمعين. ويمتلك (بيل غيتس) من الثروة ما يعادل ثروة مدينة أمريكية تعداد سكانها نصف مليون نسمة. ومع ذلك، فقد صنّف المكتب الأمريكي العام للإحصاء في مطلع القرن الواحد والعشرين حوالي ٤٠ مليون


(١) صناعة الإرهاب ـ د. عبد الغني عماد - ص٧ـ٨
(٢) المسيحية والتوراة - شفيق مقار ص٤١٤
(٣) أمريكا طليعة الانحطاط - جارودى - ص١٠٩

<<  <  ج: ص:  >  >>