وذلك تطبيقاً لرأى بعض الساسة الأمريكيون خلال عهدهم القديم الذين كانوا يرون أنه، من الخير أن تبقى القارة في قبضة العرش الإسباني حتى تكتمل لشعبنا القوة ليأخذها منه قطعة بعد قطعه، حيث إن الإمبراطورية الاسبانية كانت غنية بكثير من الثروات وذات موانئ ممتازة، مما فتح شهية الأمريكان لشن حملة صليبية في الخارج.
فقد برزت عدة اتجاهات على الساحة الأمريكية في تلك الفترة حول ماهية السياسة الخارجية الأمريكية التي يجب أن تتبعها أمريكا تجاه العالم الخارجي، حيث رأى البعض انه آن أوان خروج أمريكا من إطارها القاري المعزولة فيه كعزلة الناسك والوصول إلى القواعد البحرية البعيدة والاستيلاء على المستعمرات، مبارية في ذلك الدول العظمى الأخرى. وقد عزز هذه الرؤية أنصار مذهب داروين، الذين يرون أن التقدم لا يتم إلا بالكفاح في سبيل الوجود، وبقاء الأصلح، فانتقال المزايا التي تمكن الإنسان من النصر تنحدر إلى أخلاقه. فعلى الولايات المتحدة أن تنغمر في الصراع العالمي، فلشعبها من المزايا ما يضمن له النصر والبقاء ... وهذا هو التقدم بعينه. وهناك الاتجاه الرسمي الذي كان يدعى أن التفوق مقصور على الشعب النورديكى، ولاسيما الألمان والانجلوسكسون منه. فلقد كان هؤلاء اقدر الناس على الحكم، فدعهم إذن يأتون بأفضل أنواعه إلى أكثر الأصقاع العالمية المتأخرة في هذا المضمار.
وهناك اتجاه آخر أكد على أهمية القوة البحرية في جعل الأمة عظيمة قوية. ولم يكن يقصد بذلك الأسطول والسفن التجارية فحسب، ولكنه كان يدخل فيها المستعمرات والقواعد البحرية في الأقسام النائية من العالم. وقد تبلورت كل هذه الآراء السابقة عند اندلاع الحرب ضد اسبانيا، حيث اعتبرها البعض، إنها الفرصة الذهبية للانغماس في الصراع العالمي للحصول على السطوة ثم نشر الحكم الأمريكي المبارك في المستعمرات التي أساءت اسبانيا حكمها لمدة طويلة. بالإضافة إلى الحصول على مستعمرة غنية في الفلبين وقواعد بحرية أخرى في جزائر الكريبيان والأطلسي من اسبانيا. وشاع بين الناس استعمال مصطلح قديم انحدر من الحرب المكسيكية (المصير المحتوم) ويراد به التوسع في الجهتين المذكورتين (١).
(١) حضارة العالم الجديد - ارل شينك ميرزـ ترجمة فؤاد جميل ص٢٩٨ـ٢٩٩