اللامحدود، والضغوط والمناورات التي استخدمت لإقناع الحلفاء بذلك. "ففي يوم ٢٥ أبريل ١٩٢٠م وافق المجلس الأعلى للدول المتحالفة عند انعقاده في سان ريمو، على أن يوكل إلى الحكومة البريطانية مهمة الانتداب على فلسطين، وفي ٢٤ يوليو ١٩٢٢م أسند مجلس جمعية الأمم المتحدة مهمة الانتداب إلى الحكومة البريطانية، غير أن الانتداب لم يطبق رسمياً، لأن تركيا لم تكن قد وافقت على انفصال الولايات العربية عنها. وبمقتضى معاهدة سيفر التي عقدت في ١٠ أغسطس ١٩٢٠ م، وافقت تركيا على انفصال الولايات العربية عنها، كما وافقت على تصريح بلفور، بيد أن معاهدة سيفر لم يتم التصديق عليها في الجمعية الوطنية التركية، التي رفضت بعض أحكامها بما في ذلك تصريح بلفور. ولم يصبح فصل الولايات العربية عن تركيا نافذاً بصورة قانونية إلا بعد ثلاث سنوات عندما أبرمت معاهدة لوزان، ووقعت عليها تركيا في ٢٤ يوليو ١٩٢٣م"(١).
وبعد أن حصلت بريطانيا على ما تريد لتحقيق الحلم الصهيوني عن طريق وضع فلسطين تحت انتدابها، الذي تم في ظله فتح أبواب فلسطين على مصراعيها أمام الهجرة اليهودية، بالإضافة إلى التسهيلات الكبيرة التي قدمتها سلطات الانتداب لليهود، والتي مكنتهم من إقامة المستعمرات، وشراء الأراضي، وتأسيس نواة الجيش الإسرائيلي. وحتى في بعض الحالات التي وجدت فيها الحكومة البريطانية، أن بعض المسئولين يقفون حائلاً أمام سرعة تنفيذ المشروع الصهيوني كما تريد، قامت هذه الحكومة بإبعاد أمثال هؤلاء المسئولين عن مناصبهم، كما فعلت ذلك مع الجنرال (بولز) الحاكم العسكري لفلسطين في بداية الانتداب. الذي قدم توصيات إلى حكومته، طالبها فيها بانتهاج سياسة عادلة تجاه السكان العرب في فلسطين، بالإضافة إلى مطالبته بإلغاء اللجنة الصهيونية، بسبب تدخلها المستمر في شؤون فلسطين الداخلية.
(١) فلسطين في ضوء الحق والعدل ـ هنري كتن ـ ترجمة وديع فلسطين ـ ص ١٨ - معهد البحوث والدراسات العربية، ١٩٧٠