يجب أن نلاحظ أن المعتقدات الدينية البروتستانتية المستمدة من العقيدة اليهودية هي المصدر الأساسي لكل الدعوات العنصرية والتفوق العرقي في الغرب، ويعود ذلك إلى أثر التوراة على الفكر البروتستانتي، الذي استقى فكرة شعب الله المختار اليهودية، وتقمصها منذ البدايات الأولى لانتشار البروتستانتية في أوروبا، ومن تم انتقالها مع البوريتانيون إلى أمريكيا. وقد ساعد على ترسيخ هذه النظرة العنصرية لدى البروتستانت تشابه تجاربهم أثناء غزوهم للعالم الجديد بما ورد بالتوراة عند خروج بنى إسرائيل من مصر ومحاولة غزوهم لفلسطين في العصور القديمة. ولهذا تقمس البروتستانت القيم اليهودية العنصرية بحذافيرها، وحاولوا إعادة إخراج المشهد التوراتي بحذافيره، ويكفى أن نتأمل مشاهد القتل والحقد الواردة في التوراة بما قام به الانجلوسكسون في أمريكا من إبادة جماعية للهنود الحمر. وحتى النازية تسمتد فكرها من التوراة، ولكنها استبدلت الألمان بدل اليهود باعتبارهم الشعب المختار أو العرق النقي، فعندما "سئل هتلر عن سبب معاداته لليهود، كانت إجابته قصيرة بقدر ما كانت قاسية: لا يمكن أن يكون هناك شعبان مختاران. ونحن وحدنا شعب الإله المختار"(١).
يضاف إلى ذلك ان بعض الكتاب والمحللين اتجه إلى الربط بين اليمين الثوري الجديد، وبين إحدى الحركات الدينية البروتستانتية التي تعتقد أن البريطانيين هم سلالة القبائل الإسرائيلية العشر المفقودة، وإنه بالإضافة إلى تعاطف اليمين الأمريكي المتطرف مع النازية وإيمانه العميق بتفوق العنصر الأبيض أو الآري، فإن أفراده ملتزمون بموقف ديني متميز يدخل في إطار عام يسمى الهوية المسيحية، لكن هؤلاء الأفراد غير منظمين في طائفة دينية محددة، وليس لديهم كتب يمكن الرجوع إليها للتعرف على تعاليمهم، ولكن الاتجاه العام لهذه الجماعة يتمثل في
(١) الصهيونية والنازية ونهاية التاريخ - عبد الوهاب المسرى ص١٣٢ - دار الشروق - ط١ ١٩٩٧. راجع في هذا المجال أيضا كتاب (الكتاب المقدس والاستعمار الاستيطاني) - تأليف الأب مايكل بزير ـ ترجمة احمد الجمل و زياد منى